الدعوى بالنسبة اليه أصلا، وفيه كفاية في الدلالة على المدعى.
ثالثها: أن ظاهر تلك العبارة وإن كان ذلك إلا أن ظاهر المقام يصرفها عن ذلك، فإن شأن الشارع بيان الأحكام الشرعية لا مجرد انتفاء الحقيقة والماهية وعدم حصول مسمى الموضوعات اللفظية، فينصرف إلى نفي الكمال أو الصحة، كما قيل نحوه فيما أثبت فيه ذلك كقوله (عليه السلام): " الطواف بالبيت صلاة " (1) و " الاثنان فما فوقها جماعة " (2) حيث حمل على إرادة الفضيلة.
وفيه أنه لا مانع من إرادة نفي الحقيقة في المقام، إذ الحقيقة المذكورة من مقررات صاحب الشريعة فليس بيان ذلك إلا من شأنه، والفرق بينه وبين المثالين المذكورين ظاهر لا يخفى.
رابعها: أنه لو بنى على ظاهر العبارة لزم أن لا تكون الصلاة الخالية عن الفاتحة صلاة ولو كانت متروكة نسيانا أو لعذر ولا قائل به، والقول بتقييدها بصورة القدرة والعمد خروج عن ظاهر اللفظ فليس بأولى من حملها على نفي الكمال من غير التزام بالتخصيص، إذ لا بعد في كون صلاة الناسي للفاتحة أو غير القادر عليها دون صلاة الآتي بها عن الكمال، بل الظاهر ذلك.
ودعوى ترجيح التخصيص على المجاز غير جارية في المقام، لشيوع التجوز هنا حتى قيل فيه بالنقل، مضافا إلى ما في التخصيص المذكور من الخروج عن الظاهر، لكونه تخصيصا بالأكثر وهو على فرض جوازه بعيد جدا، ولا أقل من مساواته لما ذكر من الاحتمال، وهو كاف في هدم الاستدلال.
وفيه - مع اختصاص المناقشة ببعض الروايات المذكورة فلا مانع في غيره من تلك الجهة - أنه لا بد من التقييد المذكور قطعا، للأدلة الدالة عليه، فالمراد أنه لا صلاة للقادر الغير الغافل إلا بالفاتحة.
ودعوى معارضة ذلك بالحمل على نفي الكمال ولا حاجة إذن إلى التقييد فيتقاوم الاحتمالان غير متجهة، ضرورة كون الحمل عليه في غاية البعد من اللفظ.