خصوص الصحيحة لم يكن فرق بين الإطلاق والتقييد ومن الواضح خلافه.
وأيضا لو كان الأمر كما ادعى لما صح الإخبار عن أحد بأنه صلى أو صام أو أتى بشئ من العبادات إلا مع العلم بصحة فعله، وهو مما لا يمكن عادة ولو تحقق ففي غاية الندرة مع صحة الإخبار بها بحسب العرف من غير إشكال ولا زال بعضهم يخبر عن بعض بما ذكر.
فظهر من جميع ذلك أن التبادر المدعى ليس من جهة الوضع وإنما هو من جهة قضاء خصوص المقام، أو ظهور الإطلاق فيه في بعض المقامات.
والجواب عنه أن مجرد احتمال كون التبادر المذكور ناشئا من الخارج غير دافع للاستدلال، إذ لو كان انفتاح أبواب الاحتمالات باعثا على المنع من الأخذ بالظاهر في مباحث الألفاظ لانسد باب إثبات الأوضاع بالتبادر أو غيره في سائر المقامات.
وظاهر الحال هنا استناد التبادر إلى نفس اللفظ، إذ ليس ذلك من جهة شيوع الصحيحة، إذ الفاسدة أكثر منها بكثير.
ولا من جهة شيوع استعمالها فيها، إذ قلة استعمالها في الفاسدة على فرضها بحيث يوجب صرف الإطلاق عنها لو كانت حقيقة فيها غير ظاهرة، لإطلاقها كثيرا على الفاسدة أيضا.
ولا من جهة انصراف المطلق إلى الكامل وإلا لانصرفت إلى الفرد الكامل الجامع لمعظم الآداب والمندوبات، ومن البين خلافه.
ودعوى بعض الأفاضل انصراف الإطلاق إليها غريب، فدوران الانصراف مدار الصحة شاهد على استناده إلى نفس اللفظ.
وما توهم من انتقاض ذلك بسائر العقود والإيقاعات لانصرافها أيضا إلى الصحيحة مع أنها موضوعة للأعم فهو على إطلاقه ممنوع.
والقول بوضعها للأعم مطلقا غير مسلم أيضا وإن لم تكن موضوعة لخصوص الصحيح الشرعي، كما سنبين الحال فيها إن شاء الله تعالى.