الذات بمبادئها إلا في زمان يسير ولو مع إعراضها عن ذلك، فإنك تقول: " فلان قاتل عمرو " بعد مضي اتصافه بقتله مع عدم إمكان عوده اليه، وكذا يصدق عليه أنه جارحه أو ضاربه ولو مع ندامته عن ذلك وعزمه على عدم العود اليه، وتقول:
" فلان بائع الدار أو مشتريه " ولو ندم عن ذلك وعزم على عدم إقدامه عليه.
فظهر أن جعل المناط في صدق المشتق وعدمه ما ذكر مما لا وجه له أصلا، واعتبار الإعراض عن المبدأ وعدمه مما لا مدخل له في صدقها.
نعم، إنما يلاحظ ذلك في الصنائع والملكات كالبقال والبناء والعطار والخياط ونحوها، لقضاء الإعراض برفع اليد عن الصنعة، فلا بقاء للمبدأ معه، والمبادئ المأخوذة في الأمثلة المفروضة يطلق على الصنعة والملكة قطعا، بل لا يبعد كونها حقيقة في ذلك عرفا كما يظهر ذلك من ملاحظة الاستعمالات الدائرة، خصوصا بالنسبة إلى الخياط فإن الشائع إطلاقه على صاحب الصنعة المعروفة.
والوجه في التفصيل الأخير اختلاف الحال في المشتقات بعد الرجوع إلى العرف وعدم جريانها على نحو واحد في الاستعمالات، ولم يثبت هناك أصل كلي يعم جميعها، ولا وضع نوعي يجري عليه فيها، فينبغي الرجوع في كل منها إلى ما هو المتبادر منه في العرف، ودل عليه أمارات الحقيقة والمجاز.
نعم، لا يبعد البناء على أصالة الحمل على الحال في الصفات المشبهة وأفعل التفضيل، لغلبتهما في ذلك بل لا يعرف فيهما مثال أريد به غير ذلك، وأصالة الحمل على الأعم في اسم المفعول، لغلبته في ذلك مع احتمال خروج الثلاثة عن محل البحث حسب ما مر نقله عن الفاضل المذكور.
وأنت خبير بأن إرجاع الأمر إلى خصوصيات الألفاظ والبناء على الرجوع إلى المتبادر من كل لفظ من غير أن يكون هناك معنى ملحوظا في وضع الجميع ينافي كون الوضع نوعيا في المشتقات، كما هو المعروف بل الثابت من تتبع أقوالهم، وملاحظة المشتقات الدائرة في المحاورات الجارية.
وأنا إلى الآن لم يحضرني قائل بكون الوضع في المشتقات شخصيا، فالبناء