ممنوع، إذ الاشتهار والإفادة بغير قرينة إنما هو في عرف أهل الشرع، لا في إطلاق الشارع. فهي حينئذ حقيقة عرفية لهم، لا شرعية.
وأما في الوجه الثاني، فلما أوردناه على الحجة، من أن السبق إلى الفهم بغير قرينة إنما هو بالنسبة إلى المتشرعة لا إلى الشارع.
حجة النافين وجهان.
الأول: أنه لو ثبت نقل الشارع هذه الألفاظ إلى غير معانيها اللغوية، لفهمها المخاطبين بها، حيث إنهم مكلفون بما تتضمنه. ولا ريب أن الفهم شرط التكليف. ولو فهمهم إياها، لنقل ذلك إلينا، لمشاركتنا لهم في التكليف. ولو نقل، فإما بالتواتر، أو بالآحاد. والأول لم يوجد قطعا، وإلا لما وقع الخلاف فيه. والثاني لا يفيد العلم. على أن العادة تقضي في مثله بالتواتر.
الوجه الثاني: أنها لو كانت حقائق شرعية لكانت غير عربية، واللازم باطل، فالملزوم مثله. بيان الملازمة: أن اختصاص الألفاظ باللغات إنما هو بحسب دلالتها بالوضع فيها. والعرب لم يضعوها، لأنه المفروض، فلا تكون عربية. وأما بطلان اللازم، فلانه يلزمه أن لا يكون القرآن عربيا، لاشتماله عليها. وما بعضه خاصة عربي لا يكون عربيا كله. وقد قال الله سبحانه: " إنا أنزلناه قرآنا عربيا ".
وأجيب عن الأول: بأن فهمها لهم ولنا باعتبار الترديد بالقرائن، كالأطفال يتعلمون اللغات من غير أن يصرح لهم بوضع اللفظ للمعنى، إذ هو ممتنع بالنسبة إلى من لا يعلم شيئا من الألفاظ. وهذا طريق قطعي لا ينكر. فان عنيتم بالتفهيم بالنقل: ما يتناول هذا، منعنا بطلان اللازم، وإن عنيتم به: التصريح بوضع اللفظ للمعنى، منعنا الملازمة.
وعن الثاني: بالمنع من كونها غير عربية. كيف، وقد جعلها الشارع حقائق شرعية في تلك المعاني مجازات لغوية في المعنى اللغوي، فإن