مضافا إلى أن الإطلاق على الماضي غير ثابت في كثير من المشتقات - كالأحمر والأصفر والنائم واليقظان والقائم والقاعد ونحوها - فهو أخص من المدعى. ودعوى انتفاء القائل بالفصل في المقام محل منع.
على أن المتبادر من الأمثلة المذكورة خصوص الحال، وهو دليل المجازية في غيرها، ولا ريب أن ذلك أقوى في الدلالة من الأصل المدعى.
وقد يورد عليه أيضا بأن ذلك إنما يتم إذا لم يعلم كونه حقيقة في خصوص أحد المعنيين، إذ قضية الأصل مع العلم به ترجيح كونه مجازا في الآخر والقدر المشترك بينهما دفعا للاشتراك المرجوح بالنسبة إلى المجاز وهو كذلك في المقام، لإجماعهم على كونه حقيقة في الحال.
ويدفعه ما عرفت من أن إجماعهم على الأعم من كونه معنى حقيقيا أو مصداقا حقيقيا له، لا على خصوص الأول، كما قد يتراءى في بادئ النظر.
وأما عن الثاني فبما عرفت من انتقاضه بتبادر خلافه أيضا في موارد كثيرة أخرى، على أن تبادر القدر المشترك منها في الأمثلة المذكورة محل نظر حسب ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وأما عن الثالث فبأنه إن أريد بذلك عدم صحة سلب الضارب عنه بالنسبة إلى ماضي النطق وإن كان بملاحظة حال تلبسه به فممنوع، ولا يفيد إلا كونه حقيقة في حال التلبس، وهو كما عرفت خارج عن محل البحث.
وإن أريد عدم صحة سلبه عنه بحسب حال النطق نظرا إلى تلبسه به في الماضي فممنوع، على أنه معارض بصحة السلب في أمثلة كثيرة أخرى مما تقدم الإشارة إليها.
وأما عن الرابع فبأن صدق قولنا: " ضارب أمس " في المثال المفروض ليس من محل النزاع، لاستعماله إذن في حال التلبس حسب ما مر بيانه، وما ذكر من استلزامه صدق زيد ضارب مع الإطلاق إن أريد به صدقه عليه بملاحظة حال اتصافه به - أعني الأمس - فلا يفيد المدعى، إذ ذلك أيضا من قبيل إطلاقه على حال التلبس.