قلت: أولا: أنه لا دليل على اعتبار الشرط المذكور، بل لا وجه له حسب ما عرفت تفصيل القول فيه.
وثانيا: أن المعتبر في منافاته للإيجاب لو قيل به إنما هو على نحو ما تعلق به السلب، ومن البين أنه لا يصح أن يقال له: " إنه ضارب الآن " فتعين الجواب في المنع عن صحة السلب لو اخذ الحال قيدا للحكم.
وما يتراءى من صحة السلب مع التقييد فإنما هو مبني على انصراف التقييد إلى كونه قيدا في المحمول، وفيه تأمل سيأتي الإشارة اليه إن شاء الله تعالى.
ثالثها: أنها لو كانت موضوعة للأعم لصح إطلاق القاعد على القائم والقائم على القاعد والنائم على المستيقظ والمستيقظ على النائم ونحوها، ومن الواضح فساده، وكذا يلزم صحة إطلاق الكافر على المؤمن والمؤمن على الكافر، وليس كذلك وإلا لكان جملة من أكابر الصحابة كفارا على الحقيقة، والمرتد عن الدين مؤمنا على الحقيقة، وليس كذلك إجماعا.
وأجيب أولا: بالتزام المنع والتخصيص في محل النزاع، لطريان الضد الوجودي في المقام، ومحل النزاع ما إذا لم يطرأ ذلك، وكون المبدأ ثبوتيا في بعضها ومحل النزاع ما إذا كان حدوثيا، وقد عرفت ما فيه.
وثانيا: بأن ذلك معارض بأنه لو كان موضوعا للحال لما صح إطلاق القاتل والضارب والجارح والبائع والمشتري ونحوها على من انقضى عنه المبدأ إلا على سبيل المجاز، مع أن ملاحظة الاستعمالات تشهد بخلافه.
والوجه في التفصيل بين ما يمكن حصوله في الحال وما لا يمكن فيه ذلك هو الأخذ بأدلة القائل باشتراط التلبس في الحال، إلا أن ذلك إنما يتم فيما يمكن فيه ذلك دون غيره، إذ لا يعقل اشتراط التلبس في الحال فيما لا يمكن حصوله فيها كالمخبر والمتكلم ونحوهما، فلا يمكن القول بوضعه لخصوص المتلبس في الحال، إذ لا وجه لوضع اللفظ للمعنى على وجه لا يمكن إرادته في الاستعمالات، ولأنه يلزم أن يكون استعمالاته كلها مجازات لا حقيقة لها، وذلك وإن لم يكن