سبيل الإطلاق العام وهو غير مناف لصدق الايجاب كذلك، ضرورة عدم تناقض المطلقتين.
ويدفعه أن المطلقتين إنما لا يتناقضان في حكم العقل لا في حكم العرف، ضرورة وجدان التناقض عرفا بين قولك: " زيد ضارب وزيد ليس بضارب " وهو المحكم في المقام وأيضا لو سلم صدق الايجاب أيضا فهو غير مانع لصحة الدليل، إذ المقصود صحة السلب لا عدم صحة الايجاب، فإنه المأخوذ دليلا في المجاز، وأما صحة الايجاب فلا ربط له بالدلالة على حال اللفظ، ولذا لم يعد من علائم الحقيقة.
ويمكن الجواب عن ذلك بالفرق بين صدق السلب على سبيل الإطلاق بملاحظة الإطلاق العام المنظور في حكم العقل وصدقه على سبيل الإطلاق في حكم العرف، فالأول مسلم، ولا ثمرة فيه، إذ ليس مجرد ذلك علامة للمجاز، والثاني ممنوع.
قلت: بعد تسليم صدق السلب المذكور في الحال على أن يكون الحال ظرفا للحكم كما هو المفروض يتم الاحتجاج ولو اخذ صدق الإطلاق العام اللازم لذلك بملاحظة العقل، والرجوع إلى العرف إنما هو في الحكم الأول وأما الثاني فلا حاجة فيه إلى ملاحظة العرف، بل قطع العقل بصحة السلب كاف في الدلالة على المقصود.
وأنت خبير بأنه لا حاجة إذن إلى ضم المقدمات الأخيرة، بل مجرد إثبات صدق السالبة المفروضة كاف في إثبات المطلوب، إذ عدم صدق المفهوم من اللفظ عليه في الحال وصحة سلبه عنه حينئذ قاض بعدم وضع اللفظ للمفهوم الأعم وإلا لما صح سلبه عن مصداقه، فلا حاجة إلى إثبات صحة سلبه عنه مع اسقاط القيد المذكور، إذ المفروض إطلاق المسلوب وإن اعتبر كون السلب في الحال.
فإن قلت: إن صحة السلب الدال على المجاز إنما هو صحة السلب المنافي للإيجاب، وليس صحة السلب المذكور منافيا للإيجاب، لإمكان صحة الإثبات أيضا.