بالقيد المفروض على أن يكون القيد خارجا والتقييد داخلا، فإن مفاده حينئذ هو الذات المتصفة بالمبدأ لا مجموع الذات واتصافها بالمبدأ، ليكون كل من الأمرين جزء مما وضع له، فيتخلص وضعه إذن للذات ويكون معناه الحدثي خارجا عن معناه قيدا فيه، كما في العمى والبصر، ولا ينبغي الريب في فساده.
ومما يشير إلى ذلك أيضا أنها تقع محمولات على الذوات من غير تكلف وتأويل، ومن المقرر أن المأخوذ في جانب الموضوع الذات وفي جهة المحمول المفهوم.
كيف! ولو كانت الذات جزء من مفاهيم تلك الصفات لكان في قولك: " هذا الذات ضارب " تكرار للذات، فكأنك قلت: " هذا الذات ذات ثبت له الضرب " وهو مع ركاكته بعيد عن فهم العرف، كما لا يخفى بعد إمعان النظر.
فإن قلت: إذا لم يكن الذات مأخوذة في مفاهيم تلك الصفات لم يلائم ذلك جعلها موضوعات والحكم عليها، لما تقرر من اعتبار الذات في جانب الموضوع مع وقوعها موضوعات من غير تكلف.
قلت: لما كانت تلك المفاهيم جارية على الذوات وعنوانات لها صح جعلها موضوعات بذلك الاعتبار، ففي قولك: " العالم كذا " قد جعلت " العالم " عنوانا للذات المعينة وحكمت على تلك الذات المعلومة بذلك العنوان المندرجة فيه بما ذكر في المحمول... وهكذا في سائر الأمثلة.
إذا تقرر ما ذكرناه فنقول: إنه إذا أريد التعبير عن الذوات بتلك المفاهيم وجعلها عنوانات لها فلا بد من صدق تلك المفاهيم عليها واندراجها فيها، وإلا لم يصح إطلاقها عليها على سبيل الحقيقة، إذ ذلك إنما يكون من قبيل إطلاق الكلي على الفرد ولا يعقل ذلك إلا بصدق تلك المفاهيم عليها، فإذا حصل ذلك صح التعبير المذكور سواء كانت تلك الذوات مندرجة تحت تلك العنوانات حال التكلم أو لا، ففي قولك: " كل عالم كامل " قد حكمت بثبوت الكمال للذات المتصفة بالعلم، سواء كان اتصافها به حال قولك هذا أو قبله أو بعده، فالمقصود ثبوت