على ذلك في غاية البعد، وكان الوقف في موضوعها الأولي والبناء على النقل فيما يتبادر منه خلاف ذلك أولى من التزام شخصية أوضاعها كما لا يخفى.
هذا والذي يتقوى في بادئ النظر أن يقال بالتفصيل بين المشتقات المأخوذة على سبيل التعدية ولو بواسطة الحرف والمأخوذة على سبيل اللزوم، فالأولى موضوعة للأعم من الماضي والحال، والثانية موضوعة لخصوص الحال، فيكون هناك وضعان نوعيان متعلقين بالمشتقات باعتبار نوعيها ولو مع اتحاد الصيغة، فاعتبر في أحدهما حصول الاتصاف في الجملة، سواء كان حاصلا في الحال أو لا، وفي الآخر تحققه بالفعل على النحو المذكور.
يشهد بذلك استقراء الحال في المشتقات، فإن ما كان من قبيل الأول يكون المتبادر منه هو المعنى الأعم، فيصدق أساميها بحسب العرف مع حصول الاتصاف في الحال وعدمه، كالقاتل والضارب والبائع والمشتري والمضروب والمنصور والمكتوب والمنقوش وغيرها من الأمثلة مما اخذ متعديا، سواء كان من أسماء الفاعلين أو المفعولين.
وما كان من قبيل الثاني فالمتبادر منه هو الاتصاف في الحال، كالقائم والقاعد والجالس والمضطجع والمستلقي والنائم والمستيقظ والأحمر والأصفر والحسن والقبيح والأفضل والأحسن إلى غير ذلك.
وحيث كانت الصفات المشبهة وأسماء التفضيل مأخوذة على وجه اللزوم كان المتبادر منها هو الحال وكان استعمالها في الماضي خروجا عما يقتضيه وضعها، ولما كانت أسماء المفعولين مأخوذة على سبيل التعدية في الغالب كان الغالب صدقها مع زوال المبدأ أيضا، ولو كانت مأخوذة على وجه اللزوم لم تصدق كذلك كالمحموم والمهموم والمغموم والموجود والمعدوم ونحوها، فإن المقصود بها ما ثبت له صفة الحمى والهم والغم والوجود والعدم من غير ملاحظة تعدية تلك الصفة من الغير اليه، ولو لوحظ ذلك في وضعها بواسطة الحرف كانت كالأول كالممرور به والمهدى اليه فتتبع صيغ المشتقات، واستقراء أقسامها شاهد لما فصلناه،