الراوي، ولا ترجيح بعض الاخبار على بعض، وكل ذلك يبين فساد هذا المذهب.
فأما تسميته من سماه علما ظاهرا (1): فربما عبر عن (الظن) بأنه علم، لان العلم لا يختلف حاله إلى أن يكون ظاهرا وباطنا فان أراد ذلك فهو خلاف في العبارة لا اعتبار به.
فأما من قال لا يجوز العمل به عقلا (2): فالذي يدل على بطلان قوله ان يقال:
إذا تعبد الله تعالى بالشئ فإنما يتعبد به لأنه مصلحة لنا، وينبغي أن يدلنا عليه وعلى صفته التي إذا (3) علمناه عليها كان مصلحة لنا، وصح منا أداؤه على ذلك الوجه. لا يمتنع ان تختلف الطرق التي بها يعلم أن الله سبحانه تعبدنا به، كما لا يمتنع اختلاف الأدلة التي بها تعلم صحة ذلك فإذا صحت هذه الجملة لم يمتنع أن يدلنا على أنه قد أمرنا بأن نفعل ما ورد به خبر الواحد إذا علمناه على صفة ظننا انه صادق كعلمنا انه تعبدنا بما أنزله من القرآن، وان كان أحدهما قد علق بشرط والاخر لم يعلق به.
وإذا صح هذا، وكان صورة خبر الواحد هذه الصورة، فيجب أن لا يمتنع ورود العبادة بالعمل به. والذي يبين ذلك أيضا ورود العبادة بالشهادات وان لم يعلم صدقهم، وجرى وجوب الحكم بقولهم في أنه معلوم مجرى الحكم بما علمناه بقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
وليس لاحد أن يقول: إذا لم يصح ان يتعبد الله تعالى بالقبول من النبي بلا علم معجز يظهر عليه، فبان لا يجوز القبول من غيره أولى. وذلك أن فقد ظهور العلم على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقتضي الجهل بالمصالح التي لا تعلم الا من جهته، وليس في فقد الدلالة على صدق خبر الواحد ذلك، لأنه يصح أن يعلم بقول النبي