لكن وقعت الإنتكاسة الخطيرة في منتصف القرن الرابع وذلك حينما استولى محمود الغزنوي على خراسان وما وراء النهر وبسط نفوذه على جميع المنطقة، ولم يقنع بهذا المقدار بل أراد دعم موقفه أمام الخصوم فرفع شعار المناصرة من أهل السنة، فاشتد الأمر على الجميع عدا من كان معتقدا بمذاهب الدولة، وهكذا مرت فترة قاسية على الذين كانوا يدرسون العلوم العقلية ومن كان لا يدين بمذاهب أهل السنة وخاصة الشيعة، وقد بالغ السلطان محمود الغزنوي في قتلهم (ونفى خلقا كثيرا من المعتزلة، والرافضة، والإسماعيلية، والجهمية، والمشبهة، وأمر بلعنهم على المنابر) (1). وأنتهز فقهاء أهل السنة - كعادتهم في موالاة سلاطين الجور - الفرصة فأفتوا بالقتل والحرق والنفي للفلاسفة والمتكلمين والعقلانيين والشيعة والمعتزلة، وحتى المساجد لم تسلم من اضطهادهم، روى الحافظ عبد الغافر الفارسي في (ذيل تاريخ نيسابور - المنتخب من السياق: 13) في ترجمة أبي بكر الواعظ أنه كان: " زعيم أصحاب أبي عبد الله ورئيسهم، صاحب القول في وقته عند السلطان، بسيط الجاه، كان مقربا عند الأمير يمين الدولة محمود، دعا إلى السنة وهدم المسجد الجديد الذي بناه الروافض " (2)!!، وفي عام 420 ه قام
(مقدمة ١٥)