" العمر الذي أعذر الله تعالى فيه إلى ابن آدم ستون سنة " يعني (أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر). وأما متابعة ابن عجلان فقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو السفر يحيى بن محمد بن عبد الملك بن قرعة بسامرا حدثنا أبو عبد الرحمن المقري حدثنا سعيد بن أبي أيوب حدثنا محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أتت عليه ستون سنة فقد أعذر الله عز وجل إليه في العمر " وكذا رواه الإمام أحمد عن أبي عبد الرحمن هو المقري به ورواه أحمد أيضا عن خلف عن أبي معشر عن أبي سعيد المقبري. (طريق أخرى) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ابن جرير حدثني أحمد بن الفرج أبو عتبة الحمصي حدثنا بقية بن الوليد حدثنا المطرف بن مازن الكناني حدثني معمر بن راشد قال: سمعت محمد بن عبد الرحمن الغفاري يقول: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لقد أعذر الله عز وجل في العمر إلى صاحب الستين سنة والسبعين " فقد صح هذا الحديث من هذه الطرق فلو لم يكن إلا الطريق التي ارتضاها أبو عبد الله البخاري شيخ هذه الصناعة لكفت. وقول ابن جرير إن في رجاله بعض من يجب التثبت في أمره لا يلتفت إليه مع تصحيح البخاري والله أعلم. وذكر بعضهم أن العمر الطبيعي عند الأطباء مائة وعشرون سنة فالانسان لا يزال في ازدياد إلى كمال الستين ثم يشرع بعد هذا في النقص والهرم كما قال الشعر:
إذا بلغ الفتى ستين عاما * فقد ذهب المسرة والفتاء ولما كان هذا هو العمر الذي يعذر الله تعالى إلى عباده به ويزيح به عنهم العلل كان هو الغالب على أعمار هذه الأمة كما ورد بذلك الحديث قال الحسن بن عرفة رحمه الله حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك " وهكذا رواه الترمذي وابن ماجة جميعا في كتاب الزهد عن الحسن بن عرفة به ثم قال الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وهذا عجب من الترمذي فإنه قد رواه أبو بكر بن أبي الدنيا من وجه آخر وطريق أخرى عن أبي هريرة حيث قال حدثنا سليمان بن عمرو عن محمد بن ربيعة عن كامل أبي العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك " وقد رواه الترمذي في كتاب الزهد أيضا عن إبراهيم بن سعيد الجوهري عن محمد بن ربيعة به ثم قال هذا حديث حسن غريب من حديث أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه وقد روى من غير وجه عنه هذا نصه بحروفه في الموضعين والله أعلم. وقال الحافظ أبو يعلى حدثنا أبو موسى الأنصاري حدثنا ابن أبي فديك حدثني إبراهيم بن الفضل مولى بني مخزوم عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " معترك المنايا ما بين الستين إلى السبعين " وبه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أقل أمتي أبناء سبعين " إسناده ضعيف (حديث آخر) في معنى ذلك قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده حدثنا إبراهيم بن هانئ حدثنا إبراهيم بن مهدي عن عثمان بن مطر عن أبي مالك عن ربعي عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله أنبئنا بأعمار أمتك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما بين الخمسين إلى الستين " قالوا يا رسول الله فأبناء السبعين قال صلى الله عليه وسلم " قل من يبلغها من أمتي رحم الله أبناء السبعين ورحم الله أبناء الثمانين " ثم قال البزار لا يروى بهذا اللفظ إلا بهذا الاسناد وعثمان بن مطر من أهل البصرة ليس بقوي وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاش ثلاثا وستين سنة وقيل ستين وقيل خمسا وستين والمشهور الأول والله أعلم وقوله تعالى: (وجاءكم النذير) روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وعكرمة وأبى جعفر الباقر رضي الله عنه وقتادة وسفيان بن عيينة أنهم قالوا يعني الشيب وقال السدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم يعني به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأ ابن زيد (هذا نذير من النذر الأولى) وهذا هو الصحيح عن قتادة فيما رواه شيبان عنه أنه قال: احتج عليهم بالعمر والرسل وهذا اختيار ابن جرير وهو الاظهر لقوله تعالى: (ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون * لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون) أي لقد بينا لكم الحق على ألسنة الرسل فأبيتم وخالفتم وقال تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) وقال تبارك وتعالى (كلما ألقي فيها