الناس عامة وقال قتادة في هذه الآية أرسل الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم إلى العرب والعجم فأكرمهم على الله تبارك وتعالى أطوعهم لله عز وجل. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو عبد الله الظهراني حدثنا حفص بن عمر العدني حدثنا الحكم يعني ابن أبان عن عكرمة قال سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: إن الله تعالى فضل محمدا صلى الله عليه وسلم على أهل السماء وعلى الأنبياء. قالوا يا ابن عباس فبم فضله الله على الأنبياء؟ قال رضي الله عنه إن الله تعالى قال (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (وما أرسلناك إلا كافة للناس) فأرسله الله تعالى إلى الجن والإنس. وهذا الذي قاله ابن عباس رضي الله عنهما قد ثبت في الصحيحين رفعه عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل وأحلت لي الغنائم ولم تحل لاحد قبلي وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة " وفي الصحيح أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " بعثت إلى الأسود والأحمر " قال مجاهد يعني الجن والإنس وقال غيره يعني العرب والعجم والكل صحيح. ثم قال عز وجل مخبرا عن الكفار في استبعادهم قيام الساعة (ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) وهذه الآية كقوله عز وجل (يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق) الآية ثم قال قال تعالى: (قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون) أي لكم ميعاد مؤجل ممدود لا يزاد ولا ينقص فإذا جاء فلا يؤخر ساعة ولا يقدم كما قال تعالى: (إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر) وقال عز وجل: (وما نؤخره إلا لأجل ممدود * يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد) وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالتي بين يديه ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين (31) قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددنكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين (32) وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون (33) يخبر تعالى عن تمادي الكفار في طغيانهم وعنادهم وإصرارهم على عدم الايمان بالقرآن وبما أخبر به من أمر المعاد ولهذا قال تعالى (وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه) قال الله عز وجل متهددا لهم ومتوعدا ومخبرا عن مواقفهم الذليلة بين يديه في حال تخاصمهم وتحاجهم (يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا) وهم الاتباع (للذين استكبروا) منهم وهم قادتهم وسادتهم (لولا أنتم لكنا مؤمنين) أي لولا أنتم تصدونا لكنا اتبعنا الرسل وآمنا بما جاءونا به فقال لهم القادة والسادة وهم الذين استكبروا (أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم)؟ أي نحن ما فعلنا بكم أكثر من أنا دعوناكم فاتبعتمونا من غير دليل ولا برهان وخالفتم الأدلة والبراهين والحجج التي جاءت بهم الرسل لشهوتكم واختياركم لذلك ولهذا قالوا (بل كنتم مجرمين * وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار) أي بل كنتم تمكرون بنا ليلا ونهارا وتغرونا وتمنونا وتخبرونا أنا على هدى وأنا على شئ فإذا جميع ذلك باطل وكذب ومين قال قتادة وابن زيد (بل مكر الليل والنهار) يقول بل مكركم بالليل والنهار وكذا قال مالك عن زيد بن أسلم مكركم بالليل والنهار (إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا) أي نظراء وآلهة معه وتقيموا لنا شبها وأشياء من المحال تضلونا بها (وأسروا الندامة لما رأوا العذاب) أي الجميع من السادة والاتباع كل ندم على ما سلف منه (وجعلنا الأغلال
(٥٤٧)