في أعناق الذين كفروا) وهي السلاسل التي تجمع أيديهم مع أعناقهم (هل يجزون إلا ما كانوا يعملون) أي إنما نجازيكم بأعمالكم كل بحسبه للقادة عذاب بحسبهم وللاتباع بحسبهم (قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون) قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا فروة بن أبي المغراء حدثنا محمد بن سليمان بن الأصبهاني عن أبي سنان ضرار بن صرد عن عبد الله بن أبي الهذيل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن جهنم لما سيق إليها أهلها تلقاهم لهبها ثم لفحتهم لفحة فلم يبق لحم إلا سقط على العرقوب " وحدثنا أبي حدثنا أحمد بن أبي الحواري حدثنا الطيب أو الحسن عن الحسن بن يحيى الخشني قال ما في جهنم دار ولا مغار ولا غل ولا قيد ولا سلسلة إلا اسم صاحبها عليها مكتوب قال فحدثته أبا سليمان يعني الداراني رحمة الله عليه فبكى ثم قال ويحك فكيف به لو جمع هذا كله عليه فجعل القيد في رجليه والغل في يديه والسلسلة في عنقه ثم أدخل النار وأدخل المغار؟ اللهم سلم.
وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون (34) وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين (35) قل إن ربى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون (36) وما أموالكم ولا أولدكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صلحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون (37) والذين يسعون فئ ايتنا معجزين أولئك في العذاب محضرون (38) قل إن ربى يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين (39) يقول تعالى مسليا لنبيه صلى الله عليه وسلم وآمرا له بالتأسي بمن قبله من الرسل ومخبره بأنه ما بعث نبيا في قرية إلا كذبه مترفوها واتبعه ضعفاؤهم كما قال قوم نوح عليه الصلاة والسلام (أنؤمن لك واتبعك الأرذلون) (وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي) وقال الكبراء من قوم صالح (للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون * قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون) وقال عز وجل (وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين) وقال تعالى: (وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها) وقال جل وعلا (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا) وقال جل وعلا ههنا (وما أرسلنا في قرية من نذير) أي نبي أو رسول (إلا قال مترفوها) وهم أولوا النعمة والحشمة والثروة والرياسة قال قتادة هم جبابرتهم وقادتهم ورؤوسهم في الشر (إنا بما أرسلتم به كافرون) أي لا نؤمن به ولا نتبعه. قال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا هارون بن إسحاق حدثنا محمد بن عبد الوهاب عن سفيان عن عاصم عن أبي رزين قال كان رجلان شريكان خرج أحدهما إلى الساحل وبقي الآخر فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى صاحبه يسأله ما فعل. فكتب إليه أنه لم يتبعه أحد من قريش إنما اتبعه أراذل الناس ومساكينهم قال فترك تجارته ثم أتى صاحبه فقال دلني عليه قال وكان يقرأ الكتب أو بعض الكتب قال فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إلى م تدعو؟ قال: " أدعو إلى كذا وكذا " قال أشهد أنك رسول الله قال صلى الله عليه وسلم " وما علمك بذلك؟ " قال إنه لم يبعث نبي إلا اتبعه أراذل الناس ومساكينهم قال فنزلت هذه الآية (وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون) الآية قال فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل قد أنزل تصديق ما قلت وهكذا قال هرقل لأبي سفيان حين سأله عن تلك المسائل قال فيها وسألتك أضعفاء الناس اتبعه أم أشرافهم فزعمت بل ضعفاؤهم وهم أتباع الرسل. وقوله تبارك وتعالى إخبارا عن المترفين المكذبين (وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين) أي افتخروا بكثرة الأموال والأولاد واعتقدوا أن ذلك دليل على محبة الله تعالى لهم واعتنائه بهم وأنه ما كان ليعطيهم هذا في الدنيا ثم يعذبهم في الآخرة وهيهات لهم