وما كان إلا غرورا وأماني دعاهم إليها فأجابوه. وقوله عز وجل (إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك) أي إنما سلطناه عليهم ليظهر أمر من هو مؤمن بالآخرة وقيامها والحساب فيها والجزاء فيحسن عبادة ربه عز وجل في الدنيا ممن هو منها في شك.
وقوله تعالى (وربك على كل شئ حفيظ) أي ومع حفظه ضل من ضل من اتباع إبليس وبحفظه وكلاءته سلم من سلم من المؤمنين أتباع الرسل.
قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير (22) ولا تنفع الشفعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلى الكبير (23) * بين تبارك وتعالى أنه الاله الواحد الاحد الفرد الصمد الذي لا نظير له ولا شريك له بل هو المستقل بالامر وحده من غير مشارك ولا منازع ولا معارض فقال (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله) أي من الآلهة التي عبدت من دونه (لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض) كما قال تبارك وتعالى: (والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير). وقوله تعالى (وما لهم فيهما من شرك) أي لا يملكون شيئا استقلالا ولا على سبيل الشركة (وما له منهم من ظهير) أي وليس لله من هذه الأنداد من ظهير يستظهر به في الأمور بل الخلق كلهم فقراء إليه عبيد لديه قال قتادة في قوله عز وجل (وما له منهم من ظهير) من عون يعينه بشئ ثم قال تعالى (ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له) أي لعظمته وجلاله وكبريائه لا يجترئ أحد أن يشفع عنده تعالى في شئ إلا بعد إذنه له في الشفاعة كما قال عز وجل (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) وقال جل وعلا (وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى) وقال تعالى: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون) ولهذا ثبت في الصحيحين من غير وجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد ولد آدم وأكبر شفيع عند الله تعالى أنه حين يقوم المقام المحمود ليشفع في الخلق كلهم أن يأتي ربهم لفصل القضاء قال " فأسجد لله تعالى فيدعني ما شاء الله أن يدعني ويفتح علي بمحامد لا أحصيها الآن ثم يقال يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع " الحديث بتمامه. وقوله تعالى (حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق) وهذا أيضا مقام رفيع في العظمة وهو أنه تعالى إذا تكلم بالوحي فسمع أهل السماوات كلامه أرعدوا من الهيبة حتى يلحقهم مثل الغشي. قاله ابن مسعود رضي الله عنه ومسروق وغيرهما (حتى إذا فزع عن قلوبهم) أي زال الفزع عنها قال ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم وأبو عبد الرحمن السلمي والشعبي وإبراهيم النخعي والضحاك والحسن وقتادة في قوله عز وجل (حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق) يقول خلى عن قلوبهم وقرأ بعض السلف وجاء مرفوعا إذا فرغ بالغين المعجمة ويرجع إلى الأول فإذا كان كذلك سأل بعضهم بعضا ماذا قال ربكم؟ فيخبر بذلك حملة العرش للذين يلونهم ثم الذين يلونهم لمن تحتهم حتى ينتهي الخبر إلى أهل السماء الدنيا ولهذا قال تعالى (قالوا الحق) أي أخبروا بما قال من غير زيادة ولا نقصان (وهو العلي الكبير). وقال آخرون بل معنى قوله تعالى (حتى إذا فزع عن قلوبهم) يعني المشركين عند الاحتضار ويوم القيامة إذا استيقظوا مما كانوا فيه من الغفلة في الدنيا ورجعت إليهم عقولهم يوم القيامة قالوا ماذا قال ربكم؟ فقيل لهم الحق وأخبروا به مما كانوا عنه لاهين في الدنيا قال ابن أبي نجيح عن مجاهد (حتى إذا فزع عن قلوبهم) كشف عنها الغطاء يوم القيامة. وقال الحسن (حتى إذا فزع عن قلوبهم) يعني ما فيها من الشك والتكذيب وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (حتى إذا فزع عن