علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يعني عابسون، وقال الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود " وهم فيها كالحون " قال ألم تر إلى الرأس المشيط الذي قد بدا أسنانه وقلصت شفتاه. وقال الإمام أحمد أخبرنا علي بن إسحاق أخبرنا عبد الله هو ابن المبارك رحمه الله أخبرنا سعيد بن يزيد عن أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " وهم فيها كالحون " قال - تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه. وتسترخي شفته السفلى حتى تبلغ سرته " ورواه الترمذي عن سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك به وقال حسن غريب.
ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون (105) قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين (106) ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون (107) هذا تقريع من الله وتوبيخ لأهل النار على ما ارتكبوه من الكفر والمآثم والمحارم والعظائم التي أوبقتهم في ذلك فقال تعالى " ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون " أي قد أرسلت إليكم الرسل وأنزلت عليكم الكتب وأزلت شبهكم ولم يبق لكم حجة كما قال تعالي " لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل " وقال تعالى " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " وقال تعالى " كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير - إلى قوله - فسحقا لأصحاب السعير " ولهذا قالوا " ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين " أي قد قامت علينا الحجة ولكن كنا أشقى من أن ننقاد لها ونتبعها فضللنا عنها ولم نرزقها. ثم قالوا " ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون " أي ارددنا إلى الدنيا فإن عدنا إلى ما سلف منا فنحن ظالمون مستحقون للعقوبة كما قال " فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل * - إلى قوله - فالحكم لله العلي الكبير " أي لا سبيل إلى الخروج لأنكم كنتم تشركون بالله إذا وحده المؤمنون.
قال اخسئوا فيها ولا تكلمون (108) إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين (109) فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون (110) إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون (111) هذا جواب من الله تعالى للكفار إذا سألوا الخروج من النار والرجعة إلى هذه الدار. يقول " اخسئوا فيها " أي امكثوا فيها صاغرين مهانين أذلاء " ولا تكلمون " أي لا تعودوا إلى سؤالكم هذا فإنه لا جواب لكم عندي. قال العوفي عن ابن عباس: " اخسئوا فيها ولا تكلمون " قال هذا قول الرحمن حين انقطع كلامهم منه. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبدة بن سليمان المروزي حدثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو قال: إن أهل جهنم يدعون مالكا فلا يجيبهم أربعين عاما ثم يرد عليهم إنكم ماكثون قال هانت دعوتهم والله على مالك ورب مالك، ثم يدعون ربهم فيقولون " ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين * ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون " قال فيسكت عنهم قدر الدنيا مرتين ثم يرد عليهم " اخسئوا فيها ولا تكلمون " قال فوالله ما نبس القوم بعدها بكلمة واحدة، وما هو إلا الزفير والشهيق في نار جهنم قال فتشبهت أصواتهم بأصوات الحمير أولها زفير وآخرها شهيق، وقال ابن أبي حاتم أيضا حدثنا أحمد بن سنان حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل حدثنا أبو الزعراء قال: قال عبد الله بن مسعود إذا أراد الله تعالى أن لا يخرج منهم أحدا يعني من ج هنم غير وجوههم وألوانهم فيجئ الرجل من المؤمنين فيشفع فيقول يا رب فيقول الله من عرف أحدا فليخرجه فيجئ الرجل من المؤمنين فينظر فلا يعرف أحدا فيناديه الرجل يا فلان أنا فلان فيقول ما أعرفك قال فعند ذلك يقولون " ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون " فعند ذلك يقول الله تعالى " اخسئوا فيها ولا تكلمون " فإذا قال ذلك أطبقت عليهم النار فلا يخرج منهم أحد ثم قال تعالى مذكرا لهم