معها ابن لها يرعى غنما فقال لها ابنها يا أمه من خلقك؟ قالت: الله قال فمن خلق أبي؟ قالت الله قال فمن خلقني؟ قالت: الله قال فمن خلق السماوات؟ قالت الله قال فمن خلق الأرض؟ قالت الله قال فمن خلق الجبل؟
قالت الله قال فمن خلق هذه الغنم؟ قالت الله قال فإني أسمع لله شأنا ثم ألقى نفسه من الجبل فتقطع. قال ابن عمر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يحدثنا هذا الحديث قال عبد الله بن دينار كان ابن عمر كثيرا ما يحدثنا بهذا الحديث قلت في إسناده عبيد الله بن جعفر المديني والد الإمام علي بن المديني وقد تكلموا فيه فالله أعلم. " قل من بيده ملكوت كل شئ " أي بيده الملك " ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها " أي متصرف فيها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا والذي نفسي بيده " وكان إذا اجتهد في اليمين قال " لا ومقلب القلوب " فهو سبحانه الخالق المالك المتصرف " وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون " كانت العرب إذا كان السيد فيهم فأجار أحدا لا يخفر في جواره وليس لمن دونه أن يجير عليه لئلا يفتات عليه ولهذا قال الله " وهو يجير ولا يجار عليه " أي وهو السيد العظيم الذي لا أعظم منه الذي له الخلق والامر ولا معقب لحكمه الذي لا يمانع ولا يخالف وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. وقال الله " لا يسأل عما يفعل وهم يسألون " أي لا يسأل عما يفعل لعظمته وكبريائه وغلبته وقهره وعزته وحكمته وعدله فالخلق كلهم يسألون عن أعمالهم كما قال تعالى " فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون " وقوله " سيقولون لله " أي سيعترفون أن السيد العظيم الذي يجير ولا يجار عليه هو الله تعالى وحده لا شريك له " قل فأنى تسحرون " أي فكيف تذهب عقولكم في عبادتكم معه غيره مع اعترافكم وعلمكم بذلك ثم قال تعالى " بل أتيناهم بالحق " وهو الاعلام بأنه لا إله إلا الله وأقمنا الأدلة الصحيحة الواضحة القاطعة على ذلك " وإنهم لكاذبون " أي في عبادتهم مع الله غيره ولا دليل لهم على ذلك كما قال في آخر السورة " ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون " فالمشركون لا يفعلون ذلك عن دليل قادهم إلى ما هم فيه من الإفك والضلال، وإنما يفعلون ذلك اتباعا لآبائهم وأسلافهم الحيارى الجهال كما قال الله عنهم " إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ".
ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحن الله عما يصفون (91) علم الغيب والشهدة فتعالى عما يشركون (92) ينزه تعالى نفسه عن أن يكون له ولد أو شريك في الملك والتصرف والعبادة فقال تعالى " ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض " أي لو قدر تعدد الآلهة لا نفرد كل منهم بما خلق فما كان ينتظم الوجود، والمشاهد أن الوجود منتظم متسق كل من العالم العلوي والسفلي مرتبط بعضه ببعض في غاية الكمال " ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت " ثم لكان كل منهم يطلب قهر الآخر وخلافه فيعلو بعضهم على بعض والمتكلمون ذكروا هذا المعنى وعبروا عنه بدليل التمانع وهو أنه لو فرض صانعان فصاعدا فأراد واحد تحريك جسم والآخر أراد سكونه فإن لم يحصل مراد كل واحد منهما كانا عاجزين والواجب لا يكون عاجزا ويمتنع اجتماع مراديهما للتضاد، وما جاء هذا المحال إلا من فرض التعدد فيكون محالا فأما إن حصل مراد أحدهما دون الآخر كان الغالب هو الواجب والآخر المغلوب ممكنا لأنه لا يليق بصفة الواجب أن يكون مقهورا، ولهذا قال تعالى " ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون " أي عما يقول الظالمون المعتدون في دعواهم الولد أو الشريك علوا كبيرا " عالم الغيب والشهادة " أي يعلم ما يغيب عن المخلوقات وما يشاهدونه " فتعالى عما يشركون " أي تقدس وتنزه وتعالى وعز وجل عما يقول الظالمون والجاحدون.
قل رب إما تريني ما يوعدون (93) رب فلا تجعلني في القوم الظالمين (94) وإنا على أن نريك ما نعدهم