الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا " الآية. وقال تعالى " إنما نملي لهم ليزدادوا إثما " وقال تعالى " فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون * وأملي لهم " الآية وقال " ذرني ومن خلقت وحيدا - إلى قوله - عنيدا " وقال تعالى " وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا " الآية. والآيات في هذا كثيرة، قال قتادة في قوله " أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون " قال مكر والله بالقوم في أموالهم وأولادهم، يا ابن آدم فلا تعتبر الناس بأموالهم وأولادهم ولكن اعتبرهم بالايمان والعمل الصالح. وقال الإمام أحمد حدثنا محمد بن عبيد حدثنا أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمد عن مرة الهمداني حدثنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا لمن أحب فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه، والذي نفس محمد بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه " قالوا وما بوائقه يا رسول الله؟ قال " غشمه وظلمه، ولا يكسب عبد من مالا من حرام فينفق منه فيبارك فيه ولا يتصدق به فيقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار إن الله لا يمحوا السئ بالسئ ولكن يمحو السئ بالحسن إن الخبيث لا يمحو الخبيث ".
إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون (57) والذين هم بآيات ربهم يؤمنون (58) والذين هم بربهم لا يشركون (59) والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون (60) أولئك يسرعون في الخيرات وهم لها سابقون (61) يقول تعالى " إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون " أي هم مع إحسانهم وإيمانهم وعملهم الصالح مشفقون من الله خائفون منه وجلون من مكره بهم كما قال الحسن البصري: إن المؤمن جمع إحسانا وشفقة وإن ا لكافر جمع إساءة وأمنا " والذين هم بآيات ربهم يؤمنون " أي يؤمنون بآياته الكونية والشرعية كقوله تعالى إخبارا عن مريم عليها السلام " وصدقت بكلمات ربها وكتبه " أي أيقنت أن ما كان إنما هو عن قدر الله وقضائه وما شرعه الله فهو إن كان أمرا فمما يحبه ويرضاه وإن كان نهيا فهو مما يكرهه ويأباه، وإن كان خيرا فهو حق كما قال الله " والذين هم بربهم لا يشركون " أي لا يعبدون معه غيره بل يوحدونه ويعلمون أنه لا إله إلا الله أحدا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأنه لا نظير له ولا كف ء له. وقوله " والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون " أي يعطون العطاء وهم خائفون وجلون أن لا يتقبل منهم لخوفهم أن يكونوا قد قصروا في القيام بشروط الاعطاء وهذا من باب الاشفاق والاحتياط كما قال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن آدم حدثنا مالك بن مغول حدثنا عبد الرحمن بن سعيد بن وهب عن عائشة أنها قالت يا رسول الله الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف الله عز وجل؟ قال " لا يا بنت الصديق ولكنه الذي يصلي ويصوم ويتصدق وهو يخاف الله عز وجل " وهكذا رواه الترمذي وابن أبي حاتم من حديث مالك بن مغول به بنحوه وقال " لا يا ابنة الصديق ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون وهم يخافون ألا يتقبل منهم " " أولئك يسارعون في الخيرات " وقال الترمذي وروى هذا الحديث من حديث عبد الرحمن بن سعيد عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا وهكذا قال ابن عباس ومحمد بن كعب القرظي والحسن البصري في تفسير هذه الآية وقد قرأ آخرون هذه الآية " والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة " أي يفعلون ما يفعلون وهم خائفون، وروي هذا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأها كذلك قال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا صخر بن جويرية حدثنا إسماعيل المكي حدثنا أبو خلف مولى بني جمح أنه دخل مع عبيد بن عمير على عائشة رضي الله عنها فقالت مرحبا بأبي عاصم ما يمنعك أن تزورنا أو تلم بنا؟ فقال أخشى أن أملل فقالت: ما كنت لتفعل؟ قال جئت لأسألك عن آية من كتاب الله عز وجل كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها؟ قالت أية آية؟ قال " الذين يؤتون ما آتوا " " والذين يأتون ما