السؤال الثاني: من المشار إليه بقوله: * (لكم) *؟
والجواب: إن حملنا قوله: * (فإن لم يستجيبوا لكم) * على المؤمنين فذلك ظاهر، وإن حملناه على الرسول فعنه جوابان: الأول: المراد فإن لم يستجيبوا لك وللمؤمنين، لأن الرسول عليه السلام والمؤمنين كانوا يتحدونهم، وقال في موضع آخر فإن لم يستجيبوا لك فاعلم. والثاني: يجوز أن يكون الجمع لتعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
السؤال الثالث: أي تعلق بين الشرط المذكور في هذه الآية وبين ما فيها من الجزاء.
والجواب: أن القوم ادعوا كون القرآن مفترى على الله تعالى، فقال: لو كان مفترى على الله لوجب أن يقدر الخلق على مثله ولما لم يقدروا عليه، ثبت أنه من عند الله، فقوله: * (إنما أنزل بعلم الله) * كناية عن كونه من عند الله ومن قبله، كما يقول الحاكم هذا الحكم جرى بعلمي.
السؤال الرابع: أي تعلق لقوله: * (وأن لا إله إلا هو) * يعجزهم عن المعارضة.
والجواب فيه من وجوه: الأول: أنه تعالى لما أمر محمدا صلى الله عليه وسلم حتى يطلب من الكفار أن يستعينوا بالأصنام في تحقيق المعارضة ثم ظهر عجزهم عنها فحينئذ ظهر أنها لا تنفع ولا تضر في شيء من المطالب البتة، ومتى كان كذلك، فقد بطل القول بإثبات كونهم آلهة، فصار عجز القوم المعارضة بعد الاستعانة بالأصنام مبطلا لإلهية الأصنام ودليلا على ثبوت نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فكان قوله: * (وأن لا إله إلا هو) * إشارة إلى ما ظهر من فساد القول بإلهية الأصنام: الثاني: أنه ثبت في علم الأصول أن القول بنفي الشريك عن الله من المسائل التي يمكن إثباتها بقول الرسول عليه السلام، وعلى هذا فكأنه قيل: لما ثبت عجز الخصوم عن المعارضة ثبت كون القرآن حقا، وثبت كون محمد صلى الله عليه وسلم صادقا في دعوى الرسالة، ثم إنه كان يخبر عن أنه لا إله إلا الله فلما ثبت كونه محقا في دعوى النبوة ثبت قوله: * (أن لا إله إلا هو) * الثالث: أن ذكر قوله * (وأن لا إله إلا هو) * جار مجرى التهديد، كأنه قيل: لما ثبت بهذا الدليل كون محمد عليه السلام صادقا في دعوى الرسالة وعلمتم إنه لا إله إلا الله، فكونوا خائفين من قهره وعذابه واتركوا الإصرار على الكفر واقبلوا الإسلام ونظيره قوله تعالى في سورة البقرة عند ذكر آية التحدي: * (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين) * (البقرة: 24).
وأما قوله: * (فهل أنتم مسلمون) *.
فإن قلنا: إنه خطاب مع المؤمنين كان معناه الترغيب في زيادة الإخلاص. وإن قلنا: إنه خطاب مع الكفار كان معناه الترغيب في أصل الإسلام.