للمخلوقات صفة إضافية، وكونه محييا ومميتا إضافات مخصوصة، وكونه رازقا أيضا إضافة أخرى مخصوصة. فيحصل بسبب هذين النوعين من الاعتبارات أسماء لا نهاية لها لله تعالى، لأن مقدوراته غير متناهية، ولما كان لا سبيل إلى معرفة كنه ذاته، وإنما السبيل إلى معرفته بمعرفة أفعاله فكل من كان وقوفه على أسرار حكمته في مخلوقاته أكثر، كان علمه بأسماء الله أكثر. ولما كان هذا بحرا لا ساحل له ولا نهاية له، فكذلك لا نهاية لمعرفة أسماء الله الحسنى.
النوع الثاني: في تقسيم أسماء الله ما قاله المتكلمون: وهو أن صفات الله تعالى ثلاثة أنواع: ما يجب، ويجوز، ويستحيل على الله تعالى. ولله تعالى بحسب كل واحد من هذه الأقسام الثلاثة أسماء مخصوصة.
والنوع الثالث: في تقسيم أسماء الله أن صفات الله تعالى إما أن تكون ذاتية، أو معنوية، أو كانت من صفات الأفعال.
والنوع الرابع: في تقسيم أسماء الله تعالى إما أن يجوز إطلاقها على غير الله تعالى، أو لا يجوز. أما القسم الأول: فهو كقولنا: الكريم الرحيم العزيز اللطيف الكبير الخالق، فإن هذه الألفاظ يجوز إطلاقها على العباد، وإن كان معناها في حق الله تعالى مغايرا لمعناها في حق العباد. وأما القسم الثاني فهو كقولنا: الله الرحمن. أما القسم الأول: فإنها إذا قيدت بقيود مخصوصة صارت بحيث لا يمكن إطلاقها إلا في حق الله تعالى كقولنا: يا أرحم الراحمين، ويا أكرم الأكرمين، ويا خالق السماوات والأرضين.
النوع الخامس: في تقسيم أسماء الله أن يقال: من أسماء الله ما يمكن ذكره وحده، كقولنا: يا الله يا رحمن يا حي يا حكيم، ومنها ما لا يكون كذلك، كقولنا: مميت وضار، فإنه لا يجوز إفراده بالذكر، بل يجب أن يقال: يا محيي يا مميت يا ضار يا نافع.
النوع السادس: في تقسيم أسماء الله تعالى أن يقال: أول ما يعلم من صفات الله تعالى كونه محدثا للأشياء مرجحا لوجودها على عدمها، وذلك لأنا إنما نعلم وجوده سبحانه بواسطة الاستدلال بوجود الممكنات عليه، فإذا دل الدليل على أن هذا العالم المحسوس ممكن الوجود والعدم لذاته، قضى العقل بافتقاره إلى مرجح يرجح وجوده على عدمه، وذلك المرجح ليس إلا الله سبحانه، فثبت أن أول ما يعلم منه تعالى هو كونه مرجحا ومؤثرا، ثم نقول ذلك المرجح إما أن يرجح على سبيل الوجوب أو على سبيل الصحة والأول باطل، وإلا لدام العالم بدوامه، وذلك باطل، فبقي أنه إنما رجح على سبيل الصحة وكونه مرجحا على سبيل الصحة، ليس إلا كونه تعالى قادرا، فثبت أن المعلوم منه بعد العلم بكونه مرجحا، هو كونه