المشركين على نقض تلك العهود، فكان المراد من هذه الآية ذم أولئك اليهود، وهذا اللفظ في القرآن كالأمر المختص باليهود ويقوى هذا الوجه بما أن الله تعالى أعاد قوله: * (لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة) * (التوبة: 10) ولو كان المراد منه المشركين لكان هذا تكرارا محضا، ولو كان المراد منه اليهود لم يكن هذا تكرارا، فكان ذلك أولى.
ثم قال: * (وأولئك هم المعتدون) * (التوبة: 10) يعني يعتدون ما حده الله في دينه وما يوجبه العقد والعهد، وفي ذلك نهاية الذم. والله أعلم.
(11) * (فإن تابوا وأقاموا الصلوة وءاتوا الزكوة فإخوانكم في الدين ونفصل الايات لقوم يعلمون) *.
(12) * (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا فى دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون) *.
اعلم أنه تعالى لما بين حال من لا يرقب في الله إلا ولا ذمة، وينقض العهد وينطوي على النفاق ويتعدى ما حد له، بين من بعد أنهم إن أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة كيف حكمهم، فجمع ذلك الشيء بقوله: * (فإخوانكم في الدين) * وهو يفيد جملة أحكام الإيمان، ولو شرح لطال.
فإن قيل: المعلق على الشيء بكلمة * (إن) * عدم عند عدم ذلك الشيء، فهذا يقتضي أنه متى لم توجد هذه الثلاثة لا يحصل الأخوة في الدين، وهو مشكل لأنه ربما كان فقيرا، أو إن كان غنيا، لكن قبل انقضاء الحول لا تلزمه الزكاة.
قلنا: قد بينا في تفسير قوله تعالى: * (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه) * (النساء: 31) أن المعلق على الشيء بكلمة * (إن) * لا يلزم من عدمه عدم ذلك الشيء، فزال هذا السؤال، ومن الناس من قال المعلق على الشيء بكلمة * (إن) * عدم عند عدم ذلك الشيء، فههنا قال المواخاة بالإسلام بين المسلمين موقوفة على فعل الصلاة والزكاة جميعا، فإن الله تعالى شرطها في إثبات المواخاة، ومن لم يكن أهلا لوجوب الزكاة عليه، وجب عليه أن يقر بحكمها، فإذا أقر بهذا الحكم دخل في الشرط الذي به تجب الأخوة، وكان