إلينا منهم أحد. وقال بعض المحققين: هذا القول ضعيف لأنه إما أن يقال: وصل إليهم خبر محمد صلى الله عليه وسلم، أو ما وصل إليهم هذا الخبر.
فإن قلنا: وصل خبره إليهم، ثم إنهم أصروا على اليهودية فهم كفار، فكيف يجوز وصفهم بكونهم أمة يهدون بالحق وبه يعدلون؟ وإن قلنا بأنهم لم يصل إليهم خبر محمد صلى الله عليه وسلم، فهذا بعيد، لأنه لما وصل خبرهم إلينا، مع أن الدواعي لا تتوفر على نقل أخبارهم، فكيف يعقل أن لا يصل إليهم خبر محمد عليه الصلاة والسلام مع أن الدنيا قد امتلأت من خبره وذكره؟
فإن قالوا: أليس إن يأجوج ومأجوج قد وصل خبرهم إلينا ولم يصل خبرنا إليهم؟
قلنا: هذا ممنوع، فمن أين عرف أنه لم يصل خبرنا إليهم، فهذا جملة ما قيل في هذا الباب.
إذا عرفت هذا فنقول: قوله: * (يهدون بالحق) * أي يدعون الناس إلى الهداية بالحق * (وبه يعدلون) * قال الزجاج: العدل الحكم بالحق. يقال: هو يقضي بالحق ويعدل؛ وهو حكم عادل، ومن ذلك قوله: * (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء) * (النساء: 129) وقوله: * (وإذا قلتم فاعدلوا) * (الأنعام: 152).
* (وقطعناهم اثنتى عشرة أسباطا أمما وأوحينآ إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) *.
اعلم أن المقصود من هذه الآية، شرح نوعين من أحوال بني إسرائيل: أحدهما: أنه تعالى جعلهم اثني عشر سبطا، وقد تقدم هذا في سورة البقرة، أو المراد أنه تعالى فرق بني إسرائيل اثنتي عشرة فرقة، لأنهم كانوا من اثني عشر رجلا من أولاد يعقوب، فميزهم وفعل بهم ذلك لئلا يتحاسدوا فيقع فيهم الهرج والمرج. وقوله: * (وقطعناهم) * أي صيرناهم قطعا أي فرقا وميزنا بعضهم من بعض وقرئ * (وقطعناهم) * بالتخفيف وههنا سؤالان: