وأما قوله: * (وأن الله مع المؤمنين) * فقرأ نافع، وابن عامر، وحفص عن عاصم * (وأن الله) * بفتح الألف في أن والباقون بكسرها. أما الفتح فقيل: على تقدير، ولأن الله مع المؤمنين، وقيل هو معطوف على قوله: * (إن الله موهن كيد الكافرين) * وأما الكسر فعلى الابتداء. والله أعلم.
* (يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون * ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون * إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون * ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون) *.
اعلم أنه تعالى لما خاطب المؤمنين بقوله: * (إن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئا) * (الأنفال: 19) أتبعه بتأديبهم فقال: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون) * ولم يبين أنهم ماذا يسمعون إلا أن الكلام من أول السورة إلى هنا لما كان واقعا في الجهاد علم أن المراد وأنتم تسمعون دعاءه إلى الجهاد، ثم إن الجهاد اشتمل على أمرين: أحدهما: المخاطرة بالنفس. والثاني: الفوز بالأموال، ولما كانت المخاطرة بالنفس شاقة شديدة على كل أحد، وكان ترك المال بعد القدرة على أخذه شاقا شديدا، لا جرم بالغ الله تعالى في التأديب في هذا الباب فقال: * (أطيعوا الله ورسوله) * في الإجابة إلى الجهاد، وفي الإجابة إلى تركه المال إذا أمره الله بتركه والمقصود تقرير ما ذكرناه في تفسير قوله تعالى: * (قل الأنفال لله والرسول) * (الأنفال: 1).
فإن قيل: فلم قال ولا تولوا عنه فجعل الكناية واحدة مع أنه تقدم ذكر الله ورسوله.
قلنا: إنه تعالى أمر بطاعة الله وبطاعة رسوله. ثم قال: * (ولا تولوا) * لأن التولي إنما يصح في حق الرسول بأن يعرضوا عنه وعن قبول قوله وعن معونته في الجهاد.
ثم قال مؤكدا لذلك: * (ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون) * والمعنى: أن الإنسان