الفقهاء من قال: إنه لا يفيد إلا الاستلزام، فأما الانتفاء لأجل انتفاء الغير، فلا يفيده هذا اللفظ والدليل عليه الآية والخبر، أما الآية، فهي هذه الآية، وتقريره: أن كلمة * (لو) * لو أفادت ما ذكروه لكان قوله: * (ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم) * يقتضي أنه تعالى ما علم فيهم خيرا وما أسمعهم. ثم قال: * (ولو أسمعهم لتولوا) * فيكون معناه: أنه ما أسمعهم وأنهم ما تولوا لكن عدم التولي خير من الخيرات، فأول الكلام يقتضي نفي الخير، وآخره يقتضي حصول الخير، وذلك متناقض. فثبت أن القول بأن كلمة * (لو) * تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره يوجب هذا التناقض، فوجب أن لا يصار إليه. وأما الخبر فقوله عليه السلام: " نعم الرجل صهيب لو لم يخف الله لم يعصه " فلو كانت لفظة " لو " تفيد ما ذكروه لصار المعنى أنه خاف الله وعصاه، وذلك متناقض. فثبت أن كلمة * (لو) * لا تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره، وإنما تفيد مجرد الاستلزام.
واعلم أن هذا الدليل أحسن إلا أنه على خلاف قول جمهور الأدباء.
المسألة الثالثة: أن معلومات الله تعالى على أربعة أقسام: أحدها: جملة الموجودات. والثاني: جملة المعدومات. والثالث: أن كل واحد من الموجودات لو كان معدوما فكيف يكون حاله. الرابع: أن كل واحد من المعدومات لو كان موجودا كيف يكون حاله، والقسمان الأولان علم بالواقع، والقسمان الثانيان عم بالمقدر الذي هو غير واقع، فقوله: * (ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم) * من القسم الثاني وهو العلم بالمقدرات، وليس من أقسام العلم بالواقعات ونظيره قوله تعالى حكاية عن المنافقين: * (لئن أخرجتم لنخرجن معكم..... وإن قوتلتم لننصرنكم) * وقال تعالى: * (لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار) * (الحشر: 11، 12) فعلم تعالى في المعدوم أنه لو كان موجودا كيف يكون حاله، وأيضا قوله: * (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) * (الأنعام: 28) فأخبر عن المعدوم أنه لو كان موجودا كيف يكون حاله.
* (يا أيها الذين ءامنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون) *.
في الآية مسائل: