الاختيار عند جميع النحويين.
إذا عرفت هذا فنقول: قال صاحب " الكشاف ": لفظة " أئمة " همزة بعدها همزة بين بين، والمراد بين مخرج الهمزة والياء. أما بتحقيق الهمزتين فقراءة مشهورة. وإن لم تكن مقبولة عند البصريين. وأما التصريح بالياء فليس بقراءة، ولا يجوز أن يكون قراءة، ومن صرح بها فهو لاحن محرف.
المسألة الثانية: قوله: * (فقاتلوا أئمة الكفر) * معناه قاتلوا الكفار بأسرهم، إلا أنه تعالى خص الأئمة والسادة منهم الذكر، لأنهم هم الذين يحرضون الأتباع على هذه الأعمال الباطلة.
المسألة الثالثة: قال الزجاج: هذه الآية توجب قتل الذمي إذا أظهر الطعن في الإسلام، لأن عهده مشروط بأن لا يطعن، فإن طعن فقد نكث ونقض عهدهم.
ثم قال تعالى: * (إنهم لا أيمان لهم) * قرأ ابن عامر * (لا أيمان لهم) * بكسر الألف ولها وجهان: أحدها: لا أمان لهم، أي لا تؤمنوهم. فيكون مصدرا من الإيمان الذي هو ضد الإخافة، والثاني: أنهم كفرة لا إيمان لهم، أي لا تصديق ولا دين لهم، والباقون بفتح الهمزة وهو جمع يمين، ومعناه لا أيمان لهم على الحقيقة. وأيمانهم ليست بأيمان، وبه تمسك أبو حنيفة رحمه الله في أن يمين الكافر لا يكون يمينا، وعند الشافعي رحمه الله يمينهم يمين، ومعنى هذه الآية عنده: أنهم لما لم يفوا بها صارت أيمانهم كأنها ليست بأيمان. والدليل على أن أيمانهم أيمان، أنه تعالى وصفها بالنكث في قوله: * (وإن نكثوا أيمانهم) * ولو لم يكن منعقدا لما صح وصفها بالنكث.
ثم قال تعالى: * (لعلهم ينتهون) * وهو متعلق بقوله: * (فقاتلوا أئمة الكفر) * أي ليكن غرضكم في مقاتلتهم بعدما وجد منهم ما وجد من العظائم أن تكون المقاتلة سببا في انتهائهم عما هم عليه من الكفر، وهذا من غاية كرم الله وفضله على الإحسان. (13) * (ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين) *.
اعلم أنه تعالى لما قال: * (قاتلوا أئمة الكفر) * (التوبة: 12) أتبعه بذكر السبب الذي يبعثهم على مقاتلتهم فقال: * (ألا تقاتلون قوما نكثوا) *.