ريس على قلب همزة بئيس ياء وإدغام الياء فيها. والسادسة: * (بيس) * على تخفيف بيس كهين في هين، وهذه القراءات نقلها صاحب " الكشاف ". ثم بين تعالى أنهم مع نزول هذا العذاب بهم تمردوا.
* (فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين) *.
وفيه مباحث:
البحث الأول: العتو عبارة عن الإباء والعصيان، وإذا عتوا عما نهوا عنه فقد أطاعوا، لأنهم أبوا عما نهوا عنه، ومعلوم أنه ليس المراد ذلك فلا بد من إضمار، والتقدير: فلما عتوا عن ترك ما نهوا عنه، ثم حذف المضاف، وإذا أبوا ترك المنهي كان ذلك ارتكابا للمنهي.
البحث الثاني: من الناس من قال: إن قوله: * (قلنا لهم كونوا قردة) * ليس من المقال، بل المراد منه: أنه تعالى فعل ذلك. قال: وفيه دلالة على أن قوله: * (إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) * (النحل: 40) هو بمعنى الفعل لا الكلام. وقال الزجاج: أمروا بأن يكونوا كذلك بقول سمع فيكون أبلغ.
واعلم أن حمل هذا الكلام على هذا بعيد، لأن المأمور بالفعل يجب أن يكون قادرا عليه، والقوم ما كانوا قادرين على أن يقلبوا أنفسهم قردة.
البحث الثالث: قال ابن عباس: أصبح القوم وهم قردة صاغرون، فمكثوا كذلك ثلاثا فرآهم الناس ثم هلكوا. ونقل عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن شباب القوم صاروا قردة، والشيوخ خنازير، وهذا القول على خلاف الظاهر. واختلفوا في أن الذين مسخوا هل بقوا قردة؟ وهل هذه القردة من نسلهم أو هلكوا، وانقطع نسلهم، ولا دلالة في الآية عليه، والكلام في المسخ وما فيه من المباحثات قد سبق بالاستقصاء في سورة البقرة. والله أعلم.
* (وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم) *.