وهي أربعة أشهر: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وقيل هي عشرون من ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وربيع الأول، وعشر من ربيع الآخر، وإنما سميت حرما لأنه كان يحرم فيها القتل والقتال، فهذه الأشهر الحرم لما حرم القتل والقتال فيها كانت حرما، وقيل إنما سميت حرما لأن أحد أقسام هذه المدة من الأشهر الحرم لأن عشرين من ذي الحجة مع المحرم من الأشهر الحرم. وقيل: ابتداء تلك المدة كان من عشر ذي القعدة إلى عشر من ربيع الأول، لأن الحج في تلك السنة كان في ذلك الوقت بسبب النسيء الذي كان فيهم، ثم صار في السنة الثانية في ذي الحجة وهي حجة الوداع، والدليل عليه قوله عليه الصلاة والسلام: " ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض ".
وأما قوله: * (واعلموا أنكم غير معجزي الله) * فقيل: اعلموا أن هذا الإمهال ليس لعجز ولكن لمصلحة ولطف ليتوب من تاب. وقيل تقديره: فسيحوا عالمين أنكم لا تعجزون الله في حال. والمقصود: أني أمهلتكم وأطلقت لكم فافعلوا كل ما أمكنكم فعله من إعداد الآلات والأدوات، فإنكم لا تعجزون الله بل الله يعجزكم ويقهركم.
وقيل: اعملوا أن هذا الإمهال لأجل أنه لا يخاف الفوت، لأنكم حيث كنتم فأنتم في ملك الله وسلطانه، وقوله: * (وأن الله مخزي الكافرين) * قال ابن عباس: بالقتل في الدنيا والعذاب في الآخرة. وقال الزجاج: هذا ضمان من الله عز وجل لنصرة المؤمنين على الكافرين والإخزاء والإذلال مع إظهار الفضيحة والعار، والخزي النكال الفاضح.
* (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الاكبر أن الله برىء من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزى الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم) *.
اعلم أن قوله: * (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين) * (التوبة: 1) جملة تامة، مخصوصة بالمشركين، وقوله: * (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر) * جملة أخرى تامة معطوفة