قلنا: فيه وجوه: أحدها: أن يكون المراد أقوى الماكرين فوضع * (خير) * موضع أقوى وأشد، لينبه بذلك على أن كل مكر فهو يبطل في مقابلة فعل الله تعالى. وثانيها: أن يكون المراد خير الماكرين لو قدر في مكرهم ما يكون خيرا وحسنا. وثالثها: أن يكون المراد من قوله: * (خير الماكرين) * ليس هو التفضيل، بل المراد أنه في نفسه خير كما يقال: الثريد خير من الله تعالى.
* (وإذا تتلى عليهم ءاياتنا قالوا قد سمعنا لو نشآء لقلنا مثل هذآ إن هذآ إلا أساطير لاأولين * وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السمآء أو ائتنا بعذاب أليم * وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون * وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أوليآءه إن أوليآؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون) *.
اعلم أنه تعالى لما حكى مكرهم في ذات محمد. حكى مكرهم في دين محمد، روى أن النضر بن الحرث خرج إلى الحيرة تاجرا، واشترى أحاديث كليلة ودمنة، وكان يقعد مع المستهزئين والمقتسمين وهو منهم، فيقرأ عليهم أساطير الأولين، وكان يزعم أنها مثل ما يذكره محمد من قصص الأولين، فهذا هو المراد من قوله: * (قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين) * وههنا موضع بحث، وذلك لأن الاعتماد في كون القرآن معجزا عن أنه صلى الله عليه وسلم تحدى العرب