* (ويكون الدين كله لله) * في أرض مكة وما حواليها، لأن المقصود حصل هنا، قال عليه السلام: " لا يجتمع دينان في جزيرة العرب " ولا يمكن حمله على جميع البلاد، إذ لو كان ذلك مرادا لما بقي الكفر فيها مع حصول القتال الذي أمر الله به، وأما إذا كان المراد من الآية هو الثاني، وهو قوله: قاتلوهم لغرض أن يكون الدين كله لله، فعلى هذا التقدير لم يمتنع حمله على إزالة الكفر عن جميع العالم لأنه ليس كل ما كان غرضا للإنسان، فإنه يحصل، فكان المراد الأمر بالقتال لحصول هذا الغرض سواء حصل في نفس الأمر أو لم يحصل.
ثم قال: * (فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير) * والمعنى * (فإن انتهوا) * عن الكفر وسائر المعاصي بالتوبة والإيمان * (فإن الله بما يعملون بصير) * عالم لا يخفى عليه شيء يوصل إليهم ثوابهم * (وإن تولوا) * يعني عن التوبة والإيمان * (فاعلموا أن الله مولاكم) * أي وليكم الذي يحفظكم ويرفع البلاء عنكم، ثم بين أنه تعالى * (نعم المولى ونعم النصير) * وكل ما كان في حماية هذا المولى وفي حفظه وكفايته، كان آمنا من الآفات مصونا عن المخوفات.
* (واعلموا أنما غنمتم من شىء فأن لله خمسه وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم ءامنتم بالله ومآ أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شىء قدير) *.
اعلم أنه تعالى لما أمر بالمقاتلة في قوله: * (وقاتلوهم) * وكان من المعلوم أن عند المقاتلة قد تحصل الغنيمة، لا جرم ذكر الله تعالى حكم الغنيمة، وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: الغنم: الفوز بالشيء، يقال: غنم يغنم غنما فهو غانم، والغنيمة في الشريعة ما دخلت في أيدي المسلمين من أموال المشركين على سبيل القهر بالخيل والركاب. المسألة الثانية: قال صاحب " الكشاف ": * (ما) * في قوله: * (ما غنمتم من شيء) * موصولة وقوله: * (من شيء) * يعني أي شيء كان حتى الخيط والمخيط * (فأن لله) * خبر مبتدأ محذوف تقديره: فحق أو فواجب