ثم قال تعالى: * (وما ظلمونا) * وفيه حذف، وذلك لأن هذا الكلام إنما يحسن ذكره لو أنهم تعدوا ما أمرهم الله به، وذلك إما بأن تقول إنهم ادخروا مع أن الله منعهم منه، أو أقدموا على الأكل في وقت منعهم الله عنه، أو لأنهم سألوا غير ذلك مع أن الله منعهم منه، ومعلوم أن المكلف إذا ارتكب المحظور فهو ظالم لنفسه، فلذلك وصفهم الله تعالى به ونبه بقوله: * (وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) * وذلك أن المكلف إذا أقدم على المعصية فهو ما أضر إلا نفسه حيث سعى في صيرورة نفسه مستحقة للعقاب العظيم.
* (وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطيئاتكم سنزيد المحسنين * فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذى قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزا من السمآء بما كانوا يظلمون) *.
اعلم أن هذه لقصة أيضا مذكورة مع الشرح والبيان في سورة البقرة.
بقي أن يقال: إن ألفاظ هذه الآية تخالف ألفاظ الآية التي في سورة البقرة من وجوه: الأول: في سورة البقرة * (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية) * (البقرة: 58) وههنا قال: * (وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية) * والثاني: أنه قال في سورة البقرة * (فكلوا) * بالفاء وههنا * (وكلوا) * بالواو. والثالث: أنه قال في سورة البقرة * (رغدا) * وهذه الكلمة غير مذكورة في هذه السورة. والرابع: أنه قال في سورة البقرة: * (وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة) * وقال ههنا على التقديم والتأخير. والخامس: أنه قال في البقرة * (نغفر لكم خطاياكم) * وقال ههنا: * (نغفر لكم خطيئاتكم) * والسادس: أنه قال في سورة البقرة: * (وسنزيد المحسنين) * وههنا حذف حرف الواو. والسابع: أنه قال في سورة البقرة: * (فأنزلنا على الذين ظلموا) * وقال ههنا: * (فأرسلنا عليهم) * والثامن: أنه قال في سورة البقرة: * (بما كانوا يفسقون) * وقال ههنا: * (بما