في السبت) * يعني يجاوزون حد الله فيه، وهو اصطيادهم يوم السبت وقد نهوا عنه، وقرئ * (يعدون) * بمعنى يعتدون أدغمت التاء في الدال ونقلت حركتها إلى العين و * (يعدون) * من الأعداد وكانوا يعدون آلات الصيد يوم السبت وهم مأمورون بأن لا يشتغلوا فيه بغير العبادة و * (السبت) * مصدر سبتت اليهود إذا عظمت سبتها فقوله: * (إذ يعدون في السبت) * معناه يعدون في تعظيم هذا اليوم، وكذلك قوله: * (يوم سبتهم) * معناه: يوم تعظيمهم أمر السبت، ويدل عليه قوله: * (ويوم لا يسبتون) * ويؤكده أيضا قراءة عمر بن عبد العزيز * (يوم أسباتهم) * وقرئ * (لا يسبتون) * بضم الباء، وقرأ علي رضي الله عنه * (لا يسبتون) * بضم الياء من أسبتوا، وعن الحسن * (لا يسبتون) * على البناء للمفعول، وقوله: * (إذ تأتيهم حيتانهم) * نصب بقوله: * (يعدون) * والمعنى: سلهم إذ عدوا في وقت الإتيان، وقوله: * (يوم سبتهم شرعا) * أي ظاهرة على الماء وشرع جمع شارع وشارعة وكل شيء دان من شيء فهو شارع، ودار شارعة أي دنت من الطريق، ونجوم شارعة أي دنت من المغيب. وعلى هذا فالحيتان كانت تدنو من القرية بحيث يمكنهم صيدها، قال ابن عباس ومجاهد: إن اليهود أمروا باليوم الذي أمرتم به، يوم الجمعة، فتركوه واختاروا السبت فابتلاهم الله به وحرم عليهم الصيد فيه وأمروا بتعظيمه، فإذا كان يوم السبت شرعت لهم الحيتان ينظرون إليها في البحر. فإذا انقضى السبت ذهبت وما تعود إلا في السبت المقبل. وذلك بلاء ابتلاهم الله به، فذلك معنى قوله: * (ويوم لا يسبتون لا تأتيهم) * وقوله: * (كذلك نبلوهم) * أي مثل ذلك البلاء الشديد نبلوهم بسبب فسقهم، وذلك يدل على أن من أطاع الله تعالى خفف الله عنه أحوال الدنيا والآخرة ومن عصاه ابتلاه بأنواع البلاء والمحن، واحتج أصحابنا بهذه الآية على أنه تعالى لا يجب عليه رعاية الصلاح والأصلح لا في الدين ولا في الدنيا وذلك لأنه تعالى علم أن تكثير الحيتان يوم السبت ربما يحملهم على المعصية والكفر، فلو وجب عليه رعاية الصلاح والأصلح، لوجب أن لا يكثر هذه الحيتان في ذلك اليوم صونا لهم عن ذل الكفر والمعصية. فلما فعل ذلك ولم يبال بكفرهم ومعصيتهم علمنا أن رعاية الصلاح والأصلح غير واجبة على الله تعالى.
* (وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا