* (وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما ترآءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برىء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب) *.
ختم هذه الآية بقوله (والله بما تعملون محيط) والمقصود أن الانسان ربما أظهر من نفسه أن الحاصل له والداعي إلى الفعل المخصوص طلب مرضاة الله تعالى مع أنه لا يكون الامر كذلك في الحقيقة، فبين تعالى كونه عالما بما في دواخل القلوب، وذلك كالتهديد والزجر عن الرئاء والتصنع.
قوله تعالى (وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب).
اعلم أن هذا من جملة النعم التي خص أهل بدر بها وفيه مسائل:
المسألة الأولى: العامل في * (إذ) * فيه وجوه: قيل: تقديره اذكر إذ زين لهم، وقيل: هو عطف على ما تقدم من تذكير النعم، وتقديره: واذكروا إذ يريكموهم وإذ زين، وقيل: هو عطف على قوله: خرجوا بطرا ورئاء الناس. وتقديره: لا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورثاء الناس وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم.
المسألة الثانية: في كيفية هذا التزيين وجهان: الأول: أن الشيطان زين بوسوسته من غير أن يتحول في صورة الإنسان، وهو قول الحسن والأصم. والثاني: أنه ظهر في صورة الإنسان. قالوا: إن المشركين حين أرادوا المسير إلى بدر خافوا من بني بكر بن كنانة، لأنهم كانوا قتلوا منهم واحدا، فلم يأمنوا أن يأتوهم من ورائهم، فتصور لهم إبليس بصورة سراقة بن مالك بن جعشم وهو من بني بكر بن كنانة وكان من أشرافهم في جند من الشياطين، ومعه راية، وقال: لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم مجيركم من بني كنانة، فلما رأى إبليس نزول الملائكة نكص على عقيبه. وقيل: كانت يده في يد الحرث بن هشام، فلما نكص قال له الحرث: أتخذ لنا في هذه الحال؟ فقال: إني أرى ما لا ترون! ودفع في صدر الحرث وانهزموا. وفي هذه القصة سؤالات:
السؤال الأول: ما الفائدة في تغيير صورة إبليس إلى صورة سراقة؟
والجواب فيه معجزة عظيمة للرسول عليه السلام وذلك لأن كفار قريش لما رجعوا إلى مكة