الروح عند إله العرش مبدؤه * وتربة الأرض أصل الجسم والبدن قد ألف الملك الحنان بينهما * ليصلحا لقبول الأمر والمحن فالروح في غربة والجسم في وطن * فاعرف ذمام الغريب النازح الوطن وقيل في تفسير قوله: * (بل هم أضل) * وجوه أخرى فقيل: لأن الأنعام مطيعة لله تعالى والكافر غير مطيع، وقال مقاتل: هم أخطأ طريقا من الأنعام، لأن الأنعام تعرف ربها وتذكره، وهم لا يعرفون ربهم ولا يذكرونه. وقال الزجاج: * (بل هم أضل) * لأن الأنعام تبصر منافعها ومضارها فتسعى في تحصيل منافعها وتحترز عن مضارها، وهؤلاء الكفار وأهل العناد أكثرهم يعلمون أنهم معاندون ومع ذلك فيصرون عليه، ويلقون أنفسهم في النار وفي العذاب، وقيل إنها تفر أبدا إلى أربابها، ومن يقوم بمصالحها، والكافر يهرب عن ربه وإلهه الذي أنعم عليه بنعم لا حد لها. وقيل: لأنها تضل إذا لم يكن معها مرشد، فأما إذا كان معها مرشد قلما تضل، وهؤلاء الكفاء قد جاءهم الأنبياء وأنزل عليهم الكتب وهم يزدادون في الضلال ثم إنه تعالى ختم الآية فقال: * (أولئك هم الغافلون) * قال عطاء: عما أعد الله لأوليائه من الثواب ولأعدائه من العقاب.
* (ولله الأسمآء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون فى أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون) *.
اعلم أنه تعالى لما وصف المخلوقين لجهنم بقوله: * (أولئك هم الغافلون) * أمر بعده بذكر الله تعالى فقال: * (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) * وهذا كالتنبيه على أن الموجب لدخول جهنم هو الغفلة عن ذكر الله. والمخلص عن عذاب جهنم هو ذكر الله تعالى وأصحاب الذوق والمشاهدة يجدون من أرواحهم أن الأمر كذلك فإن القلب إذا غفل عن ذكر الله، وأقبل على الدنيا وشهواتها وقع في باب الحرص وزمهرير الحرمان، ولا يزال ينتقل من رغبة إلى رغبة ومن طلب إلى طلب، ومن ظلمة إلى ظلمة، فإذا انفتح على قلبه باب ذكر الله ومعرفة الله تخلص عن نيران الآفات وعن حسرات الخسارات، واستشعر بمعرفة رب الأرض والسماوات وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: قوله تعالى: * (ولله الأسماء الحسنى) * مذكور في سور أربعة: أولها: هذه