يقولون. قال مجاهد الآية نزلت في قريظة والنضير. وورودها فيهم لا يمنع من إجرائها على ظاهر عمومها. والله أعلم.
* (وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذى أيدك بنصره وبالمؤمنين * وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما فى الارض جميعا مآ ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم) *.
اعلم أنه تعالى لما أمر في الآية المتقدمة بالصلح، ذكر في هذه الآية حكما من أحكام الصلح وهو أنهم إن صالحوا على سبيل المخادعة، وجب قبول ذلك الصلح، لأن الحكم يبنى على الظاهر لأن الصلح لا يكون أقوى حالا من الإيمان، فلما بنينا أمر الإيمان عن الظاهر لا على الباطن، فههنا أولى ولذلك قال: * (وإن يريدوا) * المراد من تقدم ذكره في قوله: * (وإن جنحوا للسلم) *.
فإن قيل: أليس قال: * (وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم) * أي أظهر نقض ذلك العهد، وهذا يناقض ما ذكره في هذه الآية؟
قلنا: قوله: * (وإما تخافن من قوم خيانة) * محمول على ما إذا تأكد ذلك الخوف بأمارات قوية دالة عليها، وتحمل هذه المخادعة على ما إذا حصل في قلوبهم نوع نفاق وتزوير، إلا أنه لم تظهر أمارات تدل على كونهم قاصدين للشر وإثارة الفتنة، بل كان الظاهر من أحوالهم الثبات على المسألة وترك المنازعة، ثم إنه تعالى لما ذكر ذلك. قال: * (فإن حسبك الله) * أي فالله يكفيك، وهو حسبك وسواء قولك هذا يكفيني، وهذا حسبي. هو الذي أيدك بنصره. قال المفسرون: يرد قواك وأعانك بنصره يوم بدر، وأقول هذا التقييد خطأ لأن أمر النبي عليه السلام من أول حياته إلى آخر وقت وفاته، ساعة فساعة. كان أمرا إلهيا وتدبيرا علويا، وما كان لكسب الخلق فيه مدخل، ثم قال: * (وبالمؤمنين) * قال ابن عباس: يعني الأنصار.
فإن قيل: لما قال: * (هو الذي أيدك بنصره) * فأي حاجة مع نصره إلى المؤمنين، حتى قال: * (وبالمؤمنين) *.