نعبد إلهك وإله آبآئك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون * تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسالون عما كانوا يعملون) * اعلم أنه تعالى لما حكى عن إبراهيم عليه السلام أنه بالغ في وصية بنيه في الدين والإسلام، ذكر عقيبه أن يعقوب وصى بنيه بمثل ذلك تأكيدا للحجة على اليهود والنصارى، ومبالغة في البيان وفيه مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أن (أم) معناها حرف الاستفهام، أو حرف العطف، وهي تشبه من حروف العطف " أو " وهي تأتي على وجهين: متصلة بما قبلها ومنقطعة منه، أما المتصلة فاعلم أنك إذا قلت: أزيد عندك أم عمرو؟ فأنت لا تعلم كون أحدهما عنده فتسأل هل أحد هذين عندك فلا جرم كان جوابه لا أو نعم، أما إذا علمت كون أحد هذين الرجلين عنده لكنك لا تعلم أن الكائن عنده زيد أو عمرو فسألته عن التعيين قلت: أزيد عندك أم عمرو؟ أي اعلم أن أحدهما عندك لكن من هذا أو ذاك؟ وأما المنقطعة فقالوا: إنها بمعنى " بل " مع همزة الاستفهام، مثاله: إذا قال إنها لا بل أم شاء، فكأن قائل هذا الكلام سبق بصره إلى الأشخاص فقدر أنها إبل فأخبر على مقتضى ظنه أنها الإبل، ثم جاءه الشك وأراد أن يضرب عن ذلك الخبر وأن يستفهم أنها هل هي شاء أم لا، فالإضراب عن الأول هو معنى " بل " والاستفهام عن أنها شاء هو المراد بهمزة الاستفهام، فقولك: إنها لا بل أم شاء جار مجرى قولك: إنها لا بل أهي شاء فقولك: أي شاء كلام مستأنف غير متصل بقوله: إنها لا بل، وكيف وذلك قد وقع الإضراب عنه بخلاف المتصلة فإن قولك: أزيد عندك أم عمرو؟ بمعنى أيهما عندك ولم يكن " ما " بعد " أم " منقطعا عما قبله بدليل أن عمرا قرين زيد وكفى دليلا على ذلك أنك تعبر عن ذلك باسم مفرد فتقول: أيهما عندك؟ وقد جاء في كتاب الله تعالى من النوعين كثير، أما المتصلة فقوله تعالى: * (أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها) * (النازعات: 27) أي أيكما أشد،