لملكهم ابنة أخ تعجبه يريد أن يتزوجها، وكانت لها كل يوم حاجة يقضيها، فلما بلغ ذلك أمها قالت لها: إذا دخلت عليه سألها حاجتها، فقالت: حاجتي أن تذبح يحيى بن زكريا، فقال: سلي غير هذا! فقالت: ما أسألك إلا هذا! قال: فلما أبت عليه دعا يحيى ودعا بطست فذبحه، فبدرت قطرة من دمه على الأرض، فلم تزل تغلي حتى بعث الله نفسه أن يقتل على ذلك الدم منهم حتى يسكن، فقتل سبعين ألفا منهم من سن واحد فسكن.
وقوله: (وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة) يقول: وليدخل عدوكم الذي أبعثه عليكم مسجد بيت المقدس قهرا منهم لكم وغلبة، كما دخلوه أول مرة حين أفسدتم الفساد الأول في الأرض.
وأما قوله: (وليتبروا ما علوا تتبيرا) فإنه يقول: وليدمروا ما غلبوا عليه من بلادكم تدميرا. يقال منه: دمرت البلد: إذا خربته وأهلكت أهله. وتبر تبرا وتبارا، وتبرته أتبره تتبيرا. ومنه: قول الله تعالى ذكره (ولا تزد الظالمين إذا تبارا) (1) يعني: هلاكا. وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
16680 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: (وليتبروا ما علوا تتبيرا) قال: يدمروا ما علوا تدميرا. القول في تأويل قوله تعالى:
(عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا) * يقول تعالى ذكره: لعل ربكم يا بني إسرائيل أن يرحمكم بعد انتقامه منكم بالقوم الذين يبعثهم الله عليكم ليسوء مبعثه عليكم وجوهكم، وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة، فيستنقذكم من أيديهم، وينتشلكم من الذل الذي يحله بكم، ويرفعكم من الخمولة التي تصيرون إليها، فيعزكم بعد ذلك. و " عسى " من الله: واجب. وفعل الله ذلك بهم، فكثر عددهم بعد ذلك، ورفع خساستهم، وجعل منهم الملوك والأنبياء، فقال جل ثناؤه لهم: