يخرج الطائر كتابا، هكذا أحسبه قرأها بفتح الياء، وهي قراءة الحسن البصري وابن محيصن، وكأن من قرأ هذه القراءة وجه تأويل الكلام إلى: ويخرج له الطائر الذي ألزمناه عنق الانسان يوم القيامة، فيصير كتابا يقرؤه منشورا.
وقرأ ذلك بعض أهل المدينة: " ويخرج له " بضم الياء على مذهب ما لم يسم فاعله، وكأنه وجه معنى الكلام إلى ويخرج له الطائر يوم القيامة كتابا، يريد: ويخرج الله ذلك الطائر قد صيره كتابا، إلا أنه نحاه نحو ما لم يسم فاعله.
وأولى القراءات في ذلك بالصواب، قراءة من قرأه: (ونخرج) بالنون وضمها (له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا) بفتح الياء وتخفيف القاف، لان الخبر جرى قبل ذلك عن الله تعالى أنه الذي ألزم خلقه ما ألزم من ذلك، فالصواب أن يكون الذي يليه خبرا عنه، أنه هو الذي يخرجه لهم يوم القيامة، أن يكون بالنون كما كان الخبر الذي قبله بالنون. وأما قوله: (يلقاه) فإن في إجماع الحجة من القراء على تصويب ما اخترنا من القراءة في ذلك، وشذوذ ما خالفه الحجة الكافية لنا على تقارب معنى القراء تين: أعني ضم الياء وفتحها في ذلك، وتشديد القاف وتخفيفها فيه، فإذا كان الصواب في القراءة هو ما اخترنا بالذي عليه دللنا، فتأويل الكلام: وكل انسان منكم يا معشر بني آدم، ألزمناه نحسه وسعده، وشقاءه وسعادته، بما سبق له في علمنا أنه صائر إليه، وعامل من الخير والشر في عنقه، فلا يجاوز في شئ من أعماله ما قضينا عليه أنه عامله، وما كتبنا له أنه صائر إليه، وحن نخرج له إذا وافانا كتابا يصادفه منشورا بأعماله التي عملها في الدنيا، وطائره الذي كتبنا له، وألزمناه إياه في عنقه، قد أحصى عليه ربه فيه كل ما سلف في الدنيا. وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
16716 - حدثني محمد بن سعد، قال، ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، (ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا) قال: هو عمله الذي عمل أحصي عليه، فأخرج له يوم القيامة ما كتب عليه مت العمل يلقاه منشورا.
16717 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا): أي عمله.
16718 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة (ألزمناه طائره في عنقه) قال: عمله (ونخرج له) قال: نخرج ذلك العمل (كتابا