(انظر كيف فضلنا بعضهم على وللآخرة أكبر درجت وأكبر تفضيلا) *. يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: انظر يا محمد بعين قلبك إلى هذين الفريقين اللذين هم أحدهما الدار العاجلة، وإياها يطلب، ولها يعمل، والآخر الذي يريد الدار الآخرة، ولها يسعى موقنا بثواب الله على سعيه، كيف فضلنا أحد الفريقين على الآخر، بأن بصرنا هذا رشده، وهديناه للسبيل التي هي أقوم، ويسرناه للذي هو أهدى وأرشد، وخذلنا هذا الآخر، فأضللناه عن طريق الحق، وأغشينا بصره عن سبيل الرشد (وللآخرة أكبر درجات) يقول: وفريق مريد الآخرة أكبر في الدار الآخرة درجات بعضهم على بعض لتفاوت منازلهم بأعمالهم في الجنة وأكبر تفضيلا بتفضيل الله بعضهم على بعض من هؤلاء الفريق الآخرين في الدنيا فيما بسطنا لهم فيها. وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
16750 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض): أي في الدنيا (وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا) وإن للمؤمنين في الجنة منازل، وإن لهم فضائل بأعمالهم. وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن بين أعلى أهل الجنة وأسفلهم درجة كالنجم يرى في مشارق الأرض ومغاربها ". القول في تأويل قوله تعالى (لا تجعل مع الله إلهاء اخر فتقعد مذموما مخذولا) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا تجعل يا محمد مع الله شريكا في ألوهته وعبادته، ولكن أخلص له العبادة، وأفرد له الألوهة، فإنه لا إله غيره، فإنك إن تجعل معه إلها غيره، وتعبد معه سواه، تقعد مذموما، يقول: تصير ملوما على ما ضيعت من شكر الله على ما أنعم به عليك من نعمه، وتصييرك الشكر لغير من أولاك المعروف، وفي إشراكك في الحمد من لم يشركه في النعمة عليك غيره، مخذولا قد أسلمك ربك لمن بغاك سوءا، وإذا أسلمك ربك الذي هو ناصر أوليائه لم يكن لك من دونه ولي ينصرك ويدفع عنك.
كما:
16751 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا) يقول: مذموما في نعمة الله. وهذا الكلام وإن كان