الدواب، ولم يحمل على البراق جسم النبي (ص)، لم يكن النبي (ص) على قوله حمل على البراق لا جسمه، ولا شئ منه، وصار الامر عنده كبعض أحلام النائمين، وذلك دفع لظاهر التنزيل، وما تتابعت به الاخبار عن رسول الله (ص)، وجاءت به الآثار عن الأئمة من الصحابة والتابعين.
وقوله: الذي باركنا حوله يقول تعالى ذكره: الذي جعلنا حوله البركة لسكانه في معايشهم وأقواتهم وحروثهم وغروسهم. وقوله: لنريه من آياتنا يقول تعالى ذكره: كي نرى عبدنا محمدا من آياتنا، يقول: من عبرنا وأدلتنا وحججنا، وذلك هو ما قد ذكرت في الاخبار التي رويتها آنفا، أن رسول الله (ص) أريه في طريقه إلى بيت المقدس، وبعد مصيره إليه من عجائب العبر والمواعظ. كما:
16631 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: لنريه من آياتنا ما أراه الله من الآيات والعبر في طريق بيت المقدس.
وقوله: إنه هو السميع البصير يقول تعالى ذكره: إن الذي أسرى بعبده هو السميع لما يقول هؤلاء المشركون من أهل مكة في مسرى محمد (ص) من مكة إلى بيت المقدس، ولغير ذلك من قولهم وقول غيرهم، البصير بما يعملون من الأعمال، لا يخفى عليه شئ من ذلك، ولا يعزب عنه علم شئ منه، بل هو محيط بجميعه علما، ومحصيه عددا، وهو لهم بالمرصاد، ليجزى جميعهم بما هم أهله.
وكان بعض البصريين يقول: كسرت إن من قوله: إنه هو السميع البصير لان معنى الكلام: قل يا محمد: سبحان الذي أسرى بعبده، وقل: إنه هو السميع البصير.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا) *.
يقول تعالى ذكره: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا وآتى موسى الكتاب، ورد الكلام إلى وآتينا وقد ابتدأ بقوله أسرى لما قد ذكرنا قبل فيما مضى من فعل العرب في نظائر ذلك من ابتداء الخبر بالخبر عن الغائب، ثم الرجوع إلى الخطاب وأشباهه. وعنى بالكتاب الذي أوتى موسى: التوراة. وجعلناه هدى لبني إسرائيل يقول: وجعلنا الكتاب الذي