(وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) *.
يقول تعالى ذكره: وقل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين كادوا أن يستفزونك من الأرض ليخرجوك منها: جاء الحق وزهق الباطل.
واختلف أهل التأويل في معنى الحق الذي أمر الله نبيه (ص) أن يعلم المشركين أنه قد جاء، والباطل الذي أمره أن يعلمهم أنه قد زهق، فقال بعضهم: الحق: هو القرآن في هذا الموضع، والباطل: هو الشيطان. ذكر من قال ذلك:
17090 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وقل جاء الحق قال: الحق: القرآن وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا.
* - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة وقل جاء الحق قال: القرآن: وزهق الباطل قال: هلك الباطل وهو الشيطان.
وقال آخرون: بل عني بالحق جهاد المشركين وبالباطل الشرك. ذكر من قال ذلك:
17091 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: وقل جاء الحق قال: دنا القتال وزهق الباطل قال: الشرك وما هم فيه.
17092 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن ابن مسعود، قال: دخل رسول الله (ص) مكة، وحول البيت ثلاث مئة وستون صنما، فجعل يطعنها ويقول: جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: أمر الله تبارك وتعالى نبيه عليه الصلاة والسلام أن يخبر المشركين أن الحق قد جاء، وهو كل ما كان لله فيه رضا وطاعة، وأن الباطل قد زهق: يقول: وذهب كل ما كان لا رضا لله فيه ولا طاعة مما هو له معصية وللشيطان طاعة، وذلك أن الحق هو كل ما خالف طاعة إبليس، وأن الباطل: هو كل ما