ذلك تفجر أنهار لا نهر واحد والتخفيف في الأولى والتشديد في الثانية على ما ذكرت من قراءة الكوفيين أعجب إلي لما ذكرت من افتراق معنييهما، وإن لم تكن الأولى مدفوعة صحتها. القول في تأويل قوله تعالى: * (أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا) *.
يقول ذكره لنبيه محمد (ص): وقال لك يا محمد مشركو قومك: لن نصدقك حتى تستنبط لنا عينا من أرضنا، تدفق بالماء أو تفور، أو يكون لك بستان، وهو الجنة، من نخيل وعنب، فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا بأرضنا هذه التي نحن بها خلالها، يعني: خلال النخيل والكروم ويعني بقوله: خلالها تفجيرا بينها في أصولها تفجيرا بسبب أبنيتها.
القول في تأويل قوله تعالى: * (أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا) *.
اختلفت القراء في قراءة قوله: كسفا فقرأته عامة قراء الكوفة والبصرة بسكون السين، بمعنى: أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا، وذلك أن الكسف في كلام العرب: جمع كسفة، وهو جمع الكثير من العدد للجنس، كما تجمع السدرة بسدر، والتمرة بتمر، فحكي عن العرب سماعا: أعطني كسفة من هذا الثوب: أي قطعة منه، يقال منه: جاءنا بثريد كسف: أي قطع خبز. وقد يحتمل إذا قرئ كذلك كسفا بسكون السين أن يكون مرادا به المصدر من كسف. فأما الكسف بفتح السين، فإنه جمع ما بين الثلاث إلى العشر، يقال: كسفة واحدة، وثلاث كسف، وكذلك إلى العشر. وقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة وبعض الكوفيين كسفا بفتح السين بمعنى: جمع الكسفة الواحدة من الثلاث إلى العشر، يعني بذلك قطعا: ما بين الثلاث إلى العشر.
وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندي قراءة من قرأه بسكون السين، لان الذين