الفراء يحكي فيهما، أعني في مرفق الامر واليد اللغتين كلتيهما، وكان ينشد في ذلك قول الشاعر:
(بت أجافي مرفقا عن مرفقي) ويقول: كسر الميم فيه أجود.
وكان بعض نحويي أهل البصرة يقول فوله: من أمركم مرفقا شيئا ترتفقون به مثل المقطع، ومرفقا جعله اسما كالمسجد، ويكون لغة، يقولون: رفق يرفق مرفقا، وإن شئت مرفقا تريد رفقا ولم يقرأ.
وقد اختلفت القراء في قراءة ذلك. فقرأته عامة قراء أهل المدينة: ويهيئ لكم من أمركم مرفقا بفتح الميم وكسر الفاء، وقرأته عامة قراء العراق في المصرين مرفقا بكسر الميم وفتح الفاء.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان بمعنى واحد، قد قرأ بكل واحدة منهما قراء من أهل القرآن، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. غير أن الامر وإن كان كذلك، فإن الذي أختار في قراءة ذلك: ويهيئ لكم أمركم مرفقا بكسر الميم وفتح الفاء، لان ذلك أفصح اللغتين وأشهرهما في العرب، وكذلك ذلك في كل ما ارتفق به من شئ. القول في تأويل قوله تعالى * (* وترى الشمس إذا طلعت تزور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن اليمين). يعني بقوله: (تزاور): تعدل وتميل، من الزور: وهو العوج والميل، يقال منه: في هذه الأرض زور: إذا كنا فيها اعوجاج، وفي فلان عن فلان ازورار، إذا كان فيه عنه إعراض، ومنه قول بشر بن أبي خازم: