(من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) *.
يقول تعالى ذكره: من استقام على طريق الحق فاتبعه، وذلك دين الله الذي ابتعث به نبيه محمدا (ص) عليه وسلم فإنما يهتدي لنفسه يقول: فليس ينفع بلزومه الاستقامة، وإيمانه بالله ورسوله غير نفسه ومن ضل يقول: ومن جار عن قصد السبيل، فأخذ على غير هدى، وكفر بالله وبمحمد (ص) وبما جاء به من عند الله من الحق، فليس يضر بضلاله وجوره عن الهدى غير نفسه، لأنه يوجب لها بذلك غضب الله وأليم عذابه.. وإنما عنى بقوله فإنما يضل عليها فإنما يكسب إثم ضلاله عليها لا على غيرها. وقوله: ولا تزر وازرة وزر أخرى يعني تعالى ذكره: ولا تحمل حاملة حمل أخرى غيرها من الآثام.
وقال: وازرة وزر أخرى لان معناها: ولا تزر نفس وازرة وزر نفس أخرى. يقال منه:
وزرت كذا أزره وزرا، والوزر: هو الاثم، يجمع أوزارا، كما قال تعالى: ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم وكأن معنى الكلام: ولا تأثم آثمة إثم أخرى، ولكن على كل نفس إثمها دون إثم غيرها من الأنفس، كما:
16720 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ولا تزر وازرة وزر أخرى: والله ما يحمل الله على عبد ذنب غيره، ولا يؤاخذ إلا بعمله.
وقوله: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا يقول تعالى ذكره: وما كنا مهلكي قوم إلا بعد الاعذار إليهم بالرسل، وإقامة الحجة عليهم بالآيات التي تقطع عذرهم. كما:
16721 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا: إن الله تبارك وتعالى ليس يعذب أحدا حتى يسبق إليه من الله خبرا، ويأتيه من الله بينة، وليس معذبا أحدا إلا بذنبه.
17722 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، عن أبي هريرة، قال: إذا كان يوم القيامة، جمع الله تبارك وتعالى نسم الذين ماتوا في الفترة والمعتوه والأصم والأبكم، والشيوخ الذين جاء الاسلام وقد خرفوا، ثم أرسل رسولا، أن ادخلوا النار، فيقولون: كيف ولم يأتنا رسول، وأيم الله لو دخلوها لكانت