لبثت الفتية في الكهف إلى يومكم هذا، فإن ذلك لا يعلمه سوى الذي يعلم غيب السماوات والأرض، وليس ذلك إلا الله الواحد القهار.
وقوله: أبصر به وأسمع يقول: أبصر بالله وأسمع، وذلك بمعنى المبالغة في المدح، كأنه قيل: ما أبصره وأسمعه.
وتأويل الكلام: ما أبصر الله لكل موجود، وأسمعه لكل مسموع، لا يخفى عليه من ذلك شئ، كما:
17341 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة أبصر به وأسمع فلا أحد أبصر من الله ولا أسمع، تبارك وتعالى.
17342 - حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي قال: يرى أعمالهم، ويسمع ذلك منهم سميعا بصيرا.
وقوله: ما لهم من دونه من ولي يقول جل ثناؤه: ما لخلقه دون ربهم الذي خلقهم ولي، يلي أمرهم وتدبيرهم، وصرفهم فيما هم فيه مصرفون. ولا يشرك في حكمه أحدا يقول: ولا يجعل الله في قضائه، وحكمه في خلقه أحدا سواه شريكا، بل هو المنفرد بالحكم والقضاء فيهم، وتدبيرهم وتصريفهم فيما شاء وأحب. القول في تأويل قوله تعالى: * (واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): واتبع يا محمد ما أنزل إليك من كتاب ربك هذا، ولا تتركن تلاوته، واتباع ما فيه من أمر الله ونهيه، والعمل بحلاله وحرامه، فتكون من الهالكين وذلك أن مصير من خالفه، وترك اتباعه يوم القيامة إلى جهنم لا مبدل لكلماته يقول: لا مغير لما أوعد بكلماته التي أنزلها عليك أهل معاصيه، والعاملين بخلاف هذا الكتاب الذي أوحيناه إليك.
وقوله: ولن تجد من دونه ملتحدا يقول: وإن أنت يا محمد لم تتل ما أوحى إليك من كتاب ربك فتتبعه وتأتم به، فنالك وعيد الله الذي أوعد فيه المخالفين حدوده، لن تجد