وقوله: وعرضوا على ربك صفا يقول عز ذكره: وعرض الخلق على ربك يا محمد صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة يقول عز ذكره: يقال لهم إذ عرضوا على الله: لقد جئتمونا أيها الناس أحياء كهيئتكهم حين خلقناكم أول مرة وحذف يقال من الكلام لمعرفة السامعين بأنه مراد في الكلام.
وقوله: بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا وهذا الكلام خرج مخرج الخبر عن خطاب الله به الجميع، والمراد منه الخصوص، وذلك أنه قد يرد القيامة خلق من الأنبياء والرسل، والمؤمنين بالله ورسله وبالبعث. ومعلوم أنه لا يقال يومئذ لمن وردها من أهل التصديق بوعد الله في الدنيا، وأهل اليقين فيها بقيام الساعة، بل زعمتم أن لن نجعل لكم البعث بعد الممات، والحشر إلى القيامة موعدا، وأن ذلك إنما يقال لمن كان في الدنيا مكذبا بالبعث وقيام الساعة. القول في تأويل قوله تعالى: * (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا) *.
يقول عز ذكره: ووضع الله يومئذ كتاب أعمال عباده في أيديهم، فأخذ واحد بيمينه وأخذ واحد بشماله فترى المجرمين مشفقين مما فيه يقول عز ذكره: فترى المجرمين المشركين بالله مشفقين، يقول: خائفين وجلين مما فيه مكتوب من أعمالهم السيئة التي عملوها في الدنيا أن يؤاخذوا بها ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها يعني أنهم يقولون إذا قرأوا كتابهم، ورأوا ما قد كتب عليهم فيه من صغائر ذنوبهم وكبائرها، نادوا بالويل حين أيقنوا بعذاب الله، وضجوا مما قد عرفوا من أفعالهم الخبيثة التي قد أحصاها كتابهم، ولم يقدروا أن ينكروا صحتها كما: