لا يعجزه شئ أراده، ولا يعييه أمر أراده، يقول: فلا يفخر ذو الأموال بكثرة أمواله، ولا يستكبر على غيره بها، ولا يغترن أهل الدنيا بدنياهم، فإنما مثلها مثل هذا النبات الذي حسن استواؤه بالمطر، فلم يكن إلا ريث أن انقطع عنه الماء، فتناهى نهايته، عاد يابسا تذروه الرياح، فاسدا، تنبو عنه أعين الناظرين، ولكن ليعمل للباقي الذي لا يفنى، والدائم الذي لا يبيد ولا يتغير. القول في تأويل قوله تعالى: * (المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا) *.
يقول تعالى ذكره: المال والبنون أيها الناس التي يفخر بها عيينة والأقرع، ويتكبران بها على سلمان وخباب وصهيب، مما يتزين به في الحياة الدنيا، وليسا من عداد الآخرة والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا يقول: وما يعمل سلمان وخباب وصهيب من طاعة الله، ودعائهم ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، الباقي لهم من الأعمال الصالحة بعد فناء الحياة الدنيا، خير يا محمد عند ربك ثوابا من المال والبنين التي يفتخر هؤلاء المشركون بها، التي تفنى، فلا تبقى لأهلها وخير أملا يقول: وما يؤمل من ذلك سلمان وصهيب وخباب، خير مما يؤمل عيينة والأقرع من أموالهما وأولادهما. وهذه الآيات من لدن قوله: واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك إلى هذا الموضع، ذكر أنها نزلت في عيينة والأقرع. ذكر من قال ذلك:
17399 - حدثنا الحسين بن عمرو العنقزي، قال: ثنا أبي، قال: ثنا أسباط بن نصر، عن السدي، عن أبي سعيد الأزدي، وكان قارئ الأزد، عن أبي الكنود، عن خباب في قوله: ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ثم ذكر القصة التي ذكرناها في سورة الأنعام في قصة عيينة والأقرع، إلى قوله: ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا قال: عيينة والأقرع واتبع هواه قال: قال: ثم ضرب لهم مثلا رجلين، ومثل الحياة الدنيا.
واختلف أهل التأويل في المعني بالباقيات الصالحات، اختلافهم في المعنى بالدعاء