وقوله: هو خير ثوابا يقول عز ذكره: خير للمنيبين في العاجل والآجل ثوابا وخير عقبا يقول: وخيرهم عاقبة في الآجل إذا صار إليه المطيع له، العامل بما أمره الله، والمنتهى عما نهاه الله عنه. والعقب هو العاقبة، يقال: عاقبة أمر كذا وعقباه وعقبه، وذلك آخره وما يصير إليه منتهاه.
وقد اختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الكوفة عقبا بضم العين وتسكين القاف.
والقول في ذلك عندنا. أنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. القول في تأويل قوله تعالى: * (واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شئ مقتدرا) *.
يقول عز ذكره لنبيه محمد (ص): واضرب لحياة هؤلاء المستكبرين الذين قالوا لك:
اطرد عنك هؤلاء الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي، إذا نحن جئناك الدنيا منهم مثلا يقول: شبها كماء أنزلناه من السماء إلى الأرض يقول: كمطر أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض يقول: فاختلط بالماء نبات الأرض فأصبح هشيما يقول: فأصبح نبات الأرض يابسا متفتتا تذروه الرياح يقول تطيره الرياح وتفرقه يقال منه: ذرته الريح تذروه ذروا، وذرته ذريا، وأذرته تذريه إذراء كما قال الشاعر:
فقلت له صوب ولا تجهدنه * فيذرك من أخرى القطاة فتزلق يقال: أذريت الرجل عن الدابة والبعير: إذا ألقيته عنه.
وقوله: وكان الله على كل شئ مقتدرا يقول: وكان الله على تخريب جنة هذا القائل حين دخل جنته: ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة وإهلاك أموال ذي الأموال الباخلين بها عن حقوقها، وإزالة دنيا الكافرين به عنهم، وغير ذلك مما يشاء قادر،