إن يغبطوا يهبطوا وإن أمروا * يوما يصيروا للقل والنفد (1) والامر المصدر، والاسم الامر، كما قال الله جل ثناؤه (لقد جئت شيئا إمرا) (2) قال: عظيما، وحكي في مثل شر إمر: أي كثير.
وأولى القراءات في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأ (أمرنا مترفيها) بقصر الألف من أمرنا وتخفيف الميم منها، لاجماع الحجة من القراء على تصويبها دون غيرها. وإذا كان ذلك هو الأولى بالصواب بالقراءة، فأولى التأولات به تأويل من تأوله: أمرنا: الامر، الذي هو خلاف النهي دون غيره، وتوجيه معاني كلام الله جل ثناؤه إلى الأشهر الأعرف من معانيه، أولى ما وجد إليه سبيل من غيره.
ومعنى قوله: (ففسقوا فيها): فخالفوا أمر الله فيها، وخرجوا عن طاعته (فحق عليها القول) يقول: فوجب عليهم بمعصيتهم الله وفسوقهم فيها، وعيد لله الذي أوعد من كفر به، وخالف رسله، من الهلاك بعد الاعذار والانذار بالرسل والحجج (فدمرناها تدميرا) يقول: فخربناها عند ذلك تخريبا، وأهلكنا من كان فيها من أهلها إهلاكا، كنا قال الفرزدق:
وكان لهم كبكر ثمود لما * رغا ظهرا فدمرهم دمارا (3) القول في تأويل قوله تعالى:
(وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا) * وهذا وعيد من الله تعالى ذكره مكذبي رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من مشركي قريش،