(ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا) *.
يقول تعالى ذكره: ولقد صرفنا لهؤلاء المشركين المفترين على الله في هذا القرآن العبر والآيات والحجج، وضربنا لهم فيه الأمثال، وحذرناهم فيه وأنذرناهم ليذكروا يقول: ليتذكروا تلك الحجج عليهم، فيعقلوا خطأ ما هم عليه مقيمون، ويعتبروا بالعبر، فيتعظوا بها، وينيبوا من جهالتهم، فما يعتبرون بها، ولا يتذكرون بما يرد عليهم من الآيات والنذر، وما يزيدهم تذكيرنا إياهم إلا نفورا يقول: إلا ذهابا عن الحق، وبعدا منه وهربا. والنفور في هذا الموضع مصدر من قولهم: نفر فلان من هذا الامر ينفر منه نفرا ونفورا. القول في تأويل قوله تعالى: * (قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين جعلوا مع الله إلها آخر: لو كان الامر كما تقولون: من أن معه آلهة، وليس ذلك كما تقولون، إذن لابتغت تلك الآلهة القربة من الله ذي العرش العظيم، والتمست الزلفة إليه، والمرتبة منه. كما:
16847 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا يقول: لو كان معه آلهة إذن لعرفوا فضله ومرتبته ومنزلته عليهم، فابتغوا ما يقربهم إليه.
* - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا قال: لابتغوا القرب إليه، مع أنه ليس كما يقولون. القول في تأويل قوله تعالى: * (سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا) *.
وهذا تنزيه من الله تعالى ذكره نفسه عما وصفه به المشركون، الجاعلون معه آلهة غيره، المضيفون إليه البنات، فقال: تنزيها لله وعلوا له عما تقولون أيها القوم، من الفرية والكذب، فإن ما تضيفون إليه من هذه الأمور ليس من صفته، ولا ينبغي أن يكون له صفة.
كما: