إذا بما قلنا أنه غير محال في قول أحد ممن ينتحل الاسلام ما قاله مجاهد من أن الله تبارك وتعالى يقعد محمدا على عرشه.
فإن قال قائل: فإنا لا ننكر إقعاد الله محمدا على عرشه، وإنما ننكر إقعاده (1). 17076 - حدثني عباس بن عبد العظيم، قال: ثنا يحيى بن كثير، عن الجريري، عن سيف السدوسي، عن عبد الله بن سلام، قال: إن محمدا صلى الله عليه وسلم يوم القيامة على كرسي الرب بين يدي الرب تبارك وتعالى، وإنما ينكر إقعاده إياه معه. قيل: أفجائز عندك أن يقعده عليه لا معه. فإن أجاز ذلك صار إلى الاقرار بأنه إما معه، أو إلى أنه يقعده، والله للعرش مباين، أو لا مماس ولا مباين، وبأي ذلك قال كان منه دخولا في بعض ما كان ينكره وإن قال ذلك غير جائز كان منه خرجا من قول جميع الفرق التي حكينا قولهم، وذلك فراق لقول جميع من ينتحل الاسلام، إذ كان لا قول في ذلك إلا الأقوال الثلاثة التي حكيناها، وغير محال في قول منها ما قال مجاهد في ذلك. القول في تأويل قوله تعالى: * (وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه: وقل يا محمد يا رب أدخلني مدخل صدق.
واختلف أهل التأويل في معنى مدخل الصدق الذي أمره الله نبيه (ص) أن يرغب إليه في أن يدخله إياه، وفي مخرج الصدق الذي أمره أن يرغب إليه في أن يخرجه إياه، فقال بعضهم: عنى بمدخل الصدق: مدخل رسول الله (ص) المدينة، حين هاجر إليها، ومخرج الصدق: مخرجه من مكة، حين خرج منها مهاجرا إلى المدينة. ذكر من قال ذلك:
17077 - حدثنا ابن وكيع وابن حميد، قالا: ثنا جرير، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس قال: كان النبي (ص) بمكة، ثم أمر بالهجرة، فأنزل الله تبارك وتعالى اسمه وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
17078 - حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع، قال: ثنا بشر بن المفضل، عن عوف